الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الأم ***
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَإِذَا بَلَغَ غُلاَمٌ أَوْ عَتَقَ مَمْلُوكٌ أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ بِعَرَفَةَ أَوْ مُزْدَلِفَةَ فَأَحْرَمَ أَيْ هَؤُلاَءِ صَارَ إلَى هَذِهِ الْحَالِ بِالْحَجِّ ثُمَّ وَافَى عَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ، وَاقِفًا بِهَا أَوْ غَيْرَ وَاقِفٍ، فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَأَجْزَأَ عَنْهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلاَمِ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ، وَلَوْ أَحْرَمَ الْعَبْدُ وَالْغُلاَمُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ بِالْحَجِّ يَنْوِيَانِ بِإِحْرَامِهِمَا فَرْضَ الْحَجِّ أَوْ النَّافِلَةَ أَوْ لاَ نِيَّةَ لَهُمَا ثُمَّ عَتَقَ هَذَا وَبَلَغَ هَذَا قَبْلَ عَرَفَةَ أَوْ بِعَرَفَةَ أَوْ بِمُزْدَلِفَةَ أَوْ أَيْنَ كَانَا فَرَجَعَا إلَى عَرَفَةَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ أَجْزَأَتْ عَنْهُمَا مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلاَمِ، وَلَوْ احْتَاطَا بِأَنْ يُهْرِيقَا دَمًا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَلاَ يَبِينُ لِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ بِعَرَفَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ دَمٍ يُهْرِيقُهُ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ لَيْسَ بِإِحْرَامٍ. وَلَوْ أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَبْلَ عَرَفَةَ ثُمَّ عَتَقَ فَوَافَى عَرَفَةَ لَمْ تُجْزِ عَنْهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلاَمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَمَامُهَا؛ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِإِذْنِ أَهْلِهِ وَهِيَ تَجُوزُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تُجْزِ عَنْهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلاَمِ، فَإِذَا أَفْسَدَهَا مَضَى فِيهَا فَاسِدَةً وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا وَيُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ إذَا قَضَاهَا فَالْقَضَاءُ عَنْهُ يُجْزِيهِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلاَمِ. وَلَوْ أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَبْلَ عَرَفَةَ ثُمَّ عَتَقَ فَوَافَى عَرَفَةَ لَمْ تُجْزِ عَنْهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلاَمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَمَامُهَا؛ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِإِذْنِ أَهْلِهِ وَهِيَ تَجُوزُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تُجْزِ عَنْهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلاَمِ، فَإِذَا أَفْسَدَهَا مَضَى فِيهَا فَاسِدَةً وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا وَيُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ إذَا قَضَاهَا فَالْقَضَاءُ عَنْهُ يُجْزِيهِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلاَمِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْغُلَامِ الْمُرَاهِقِ لَمْ يَبْلُغْ: يُهِلُّ بِالْحَجِّ ثُمَّ يُصِيبُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ عَرَفَةَ ثُمَّ يَحْتَلِمُ بِعَرَفَةَ يَمْضِي فِي حَجِّهِ وَلَا أَرَى هَذِهِ الْحَجَّةَ مُجْزِئَةً عَنْهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ جَعَلَ لَهُ حَجًّا فَالْحَاجُّ إذَا جَامَعَ أَفْسَدَ وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَبَدَنَةٌ، فَإِذَا جَاءَ بِبَدَلٍ وَبَدَنَةٍ أَجْزَأَتْ عَنْهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. قَالَ: وَلَوْ أَهَلَّ ذِمِّيٌّ أَوْ كَافِرٌ مَا كَانَ هَذَا بِحَجٍّ ثُمَّ جَامَعَ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ عَرَفَةَ وَبَعْدَ الْجِمَاعِ فَجَدَّدَ إحْرَامًا مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ دُونِهِ وَأَهْرَاقَ دَمًا لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ أَجْزَأَتْ عَنْهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُفْسِدًا فِي حَالِ الشِّرْكِ، لِأَنَّهُ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِذَا زَعَمْت أَنَّهُ كَانَ فِي إحْرَامِهِ غَيْرَ مُحْرِمٍ، أَفَكَانَ الْفَرْضُ عَنْهُ مَوْضُوعًا؟ قِيلَ: لَا، بَلْ كَانَ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُؤْمِنَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِرَسُولِهِ وَيُؤَدِّي الْفَرَائِضَ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ، غَيْرَ أَنَّ السُّنَّةَ تَدُلُّ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ أَنَّ كُلَّ كَافِرٍ أَسْلَمَ اسْتَأْنَفَ الْفَرَائِضَ مِنْ يَوْمِ أَسْلَمَ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِإِعَادَةِ مَا فَرَّطَ فِيهِ فِي الشِّرْكِ مِنْهَا وَأَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ إذَا أَسْلَمَ ثُمَّ اسْتَقَامَ، فَلَمَّا كَانَ إنَّمَا يَسْتَأْنِفُ الْأَعْمَالَ وَلَا يَكُونُ عَامِلًا عَمَلًا يُكْتَبُ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْإِسْلَامِ كَانَ مَا كَانَ غَيْرَ مَكْتُوبٍ لَهُ مِنْ إحْرَامِهِ لَيْسَ إحْرَامًا وَالْعَمَلُ يُكْتَبُ لِلْعَبْدِ الْبَالِغِ، وَإِذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّغِيرِ: لَهُ حَجٌّ، فَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ حَاجٌّ وَأَنَّ حَجَّهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَكْتُوبٌ لَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً بِنَذْرٍ فَحَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ يُرِيدُ قَضَاءَ حَجَّتِهِ أَوْ عُمْرَتِهِ الَّتِي نَذَرَ، كَانَ حَجَّتُهُ وَعُمْرَتُهُ الَّتِي نَوَى بِهَا قَضَاءَ النَّذْرِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتَهُ ثُمَّ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ حَجَّةِ النَّذْرِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا مَاتَ وَلَمْ يَقْضِ النَّذْرَ وَلاَ الْوَاجِبَ قُضِيَ عَنْهُ الْوَاجِبُ أَوَّلاً، فَإِنْ كَانَ فِي مَالِهِ سَعَةٌ أَوْ كَانَ لَهُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ قَضَى النَّذْرَ عَنْهُ بَعْدَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ حَجَّ عَنْهُ رَجُلٌ بِإِجَارَةٍ أَوْ تَطَوُّعٍ يَنْوِي عَنْهُ قَضَاءَ النَّذْرِ كَانَ الْحَجُّ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَضَى عَنْهُ النَّذْرَ بَعْدَهُ إذَا كَانَ إحْرَامُ غَيْرِهِ عَنْهُ، إذَا أَرَادَ تَأْدِيَةَ الْفَرْضِ عَنْهُ يَقُومُ مَقَامَ إحْرَامِ نَفْسِهِ عَنْهُ فِي الْأَدَاءِ عَنْهُ، فَكَذَلِكَ هُوَ فِي النَّذْرِ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَوْ حَجَّ عَنْهُ رَجُلاَنِ هَذَا الْفَرْضَ وَهَذَا النَّذْرَ، كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ وَأَجْزَأَ عَنْهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ خَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ: نَحْنُ نُوَافِقُكَ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا حَجَّ تَطَوُّعًا أَوْ بِغَيْرِ نِيَّةٍ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لِلْآثَارِ وَالْقِيَاسِ فِيهِ وَلِأَنَّ التَّطَوُّعَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ، أَفَرَأَيْتَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِنْ النَّذْرِ إنْ كَانَ وَاجِبًا وَفَرْضُ الْحَجِّ التَّطَوُّعِ وَاجِبًا فَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّهُ إذَا نَوَى النَّذْرَ وَهُوَ وَاجِبٌ كَانَ الْحَجُّ الْوَاجِبُ كَمَا قُلْته فِي التَّطَوُّعِ وَالنَّذْرِ غَيْرَ تَطَوُّعٍ؟ فَقُلْت لَهُ زَعَمْته بِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْتَطِيعًا مِنْ حِينِ يَبْلُغُ إلَى أَنْ يَمُوتَ فَلَمْ يَكُنْ وَقْتُ حَجٍّ يَأْتِي عَلَيْهِ إلَّا وَفَرْضُ الْحَجِّ لَازِمٌ لَهُ بِلَا شَيْءٍ أَلْزَمَهُ نَفْسَهُ وَلَمْ يَكُنْ النَّذْرُ لَازِمًا لَهُ إلَّا بَعْدَ إيجَابِهِ فَكَانَ فِي نَفْسِهِ بِمَعْنَى مَنْ حَجَّ تَطَوُّعًا وَكَانَ الْوَاجِبُ بِكُلِّ حَالٍ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمُقَدَّمُ مِنْ الَّذِي لَمْ يَجِبْ إلَّا بِإِيجَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ قَالَ مَا يُشْبِهُ النَّذْرَ مِنْ النَّافِلَةِ؟ قِيلَ لَهُ إذَا دَخَلَ فِيهِ بَعْدَ حَجِّ الْإِسْلَامِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّهُ وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ إذَا دَخَلَ فِيهِ كَانَ فِي حُكْمِهِ فِي أَنَّهُ يُتِمُّهُ كَمُبْتَدِئِ حَجِّ الْإِسْلَامِ يَنْوِيهِ كَانَ دُخُولُهُ فِيهِ لَمْ يُوجِبْهُ عَلَيْهِ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ فَرْضًا عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ لَوْ أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ كَمَا أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْحَجِّ بِالطَّوَافِ وَأَمَرَهُ بِقَضَائِهِ فَقَالَ: فَإِنَّكَ رَوَيْتَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ سُئِلَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: قَضَيْتُهُمَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ لِمَنْ نَذَرَ حَجًّا فَحَجُّهُ قَضَاءُ النَّذْرِ وَالْحَجُّ الْمَكْتُوبُ وَقَالَ الْآخَرُ هَذِهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَلْيَلْتَمِسْ وَفَاءَ النَّذْرِ، فَقُلْت فَأَنْتَ تُخَالِفُهُمَا جَمِيعًا فَتَزْعُمُ أَنَّ هَذَا النَّذْرُ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَكَيْفَ تَحْتَجُّ بِمَا تُخَالِفُ؟ قَالَ وَأَنْتَ تُخَالِفُ أَحَدَهُمَا، فَقُلْتُ إنْ خَالَفْته خَالَفْته بِمَعْنَى السُّنَّةِ وَأُوَافِقُ الْآخَرَ. أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: إنِّي لَعِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إذْ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ فَقَالَ: هَذِهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَلْيَلْتَمِسْ أَنْ يَقْضِيَ نَذْرَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَمْ نَرَ عَمَلَيْنِ وَجَبَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَرْكُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ يَجْزِي عَنْهُ أَنْ يَأْتِيَ بِأَحَدِهِمَا فَنَقُولُ هَذَا فِي الْحَجِّ يَنْذُرُهُ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَ قَضَى حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ حَجَّةُ نَذْرِهِ فَحَجَّ مُتَطَوِّعًا فَهِيَ حَجَّةُ النَّذْرِ وَلَا يَتَطَوَّعُ بِحَجٍّ وَعَلَيْهِ حَجٌّ وَاجِبٌ، وَإِذَا أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ مِنْ الْحَجَّةِ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّا نَجْعَلُ مَا تَطَوَّعَ بِهِ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَرْضِ، فَكَذَلِكَ إذَا تَطَوَّعَ وَعَلَيْهِ وَاجِبٌ مِنْ نَذْرٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْعُمْرَةِ فَقَالَ بَعْضُ الْمَشْرِقِيِّينَ: الْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ وَقَالَهُ سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ أَخْبَرَهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي صَالِحَ الْحَنَفِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ». فَقُلْت لَهُ: أَثَبَتَ مِثْلُ هَذَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ هُوَ مُنْقَطِعٌ وَهُوَ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ الْحُجَّةُ فَإِنَّ حُجَّتَنَا فِي أَنَّهَا تَطَوُّعٌ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً} وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي بَيَّنَ فِيهِ إيجَابَ الْحَجِّ إيجَابَ الْعُمْرَةِ وَأَنَّا لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أُمِرَ بِقَضَاءِ الْعُمْرَةِ عَنْ مَيِّتٍ فَقُلْت لَهُ قَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} أَنْ يَكُونَ فَرْضُهَا مَعًا وَفَرْضُهُ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ يَثْبُتُ ثُبُوتُهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ثُمَّ قَالَ: {إنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} فَذَكَرَهَا مَرَّةً مَعَ الصَّلاَةِ وَأَفْرَدَ الصَّلاَةَ مَرَّةً أُخْرَى دُونَهَا فَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الزَّكَاةَ أَنْ تَثْبُتَ وَلَيْسَ لَك حُجَّةٌ فِي قَوْلِك لاَ نَعْلَمُ أَحَدًا أُمِرَ بِقَضَاءِ الْعُمْرَةِ عَنْ مَيِّتٍ إلَّا عَلَيْك مِثْلُهَا لِمَنْ أَوْجَبَ الْعُمْرَةَ بِأَنْ يَقُولَ وَلاَ نَعْلَمُ مِنْ السَّلَفِ أَحَدًا ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لاَ تُقْضَى عُمْرَةٌ عَنْ مَيِّتٍ وَلاَ هِيَ تَطَوُّعٌ كَمَا قُلْت، فَإِنْ كَانَ لاَ نَعْلَمُ لَك حُجَّةً كَانَ قَوْلُ مَنْ أَوْجَبَ الْعُمْرَةَ لاَ نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ السَّلَفِ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ هِيَ تَطَوُّعٌ وَأَنْ لاَ تُقْضَى عَنْ مَيِّتٍ حُجَّةٌ عَلَيْك. قال: وَمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَشْبَهَ أَنْ يَتَأَوَّلَ الْآيَةَ {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} إذَا دَخَلْتُمْ فِيهِمَا، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الْعُمْرَةُ سُنَّةٌ لاَ نَعْلَمُ أَحَدًا أَرْخَصَ فِي تَرْكِهَا. قال: وَهَذَا قَوْلٌ يَحْتَمِلُ إيجَابَهَا إنْ كَانَ يُرِيدُ أَنَّ الْآيَةَ تَحْتَمِلُ إيجَابَهَا وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ذَهَبَ إلَى إيجَابِهَا وَلَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَيُحْتَمَلُ تَأْكِيدُهَا لاَ إيجَابُهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاَلَّذِي هُوَ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَأَوْلَى بِأَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدِي وَأَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ أَنْ تَكُونَ الْعُمْرَةُ وَاجِبَةً، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَرَنَهَا مَعَ الْحَجِّ فَقَالَ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ} وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ إحْرَامَهَا وَالْخُرُوجَ مِنْهَا بِطَوَافٍ وَحِلاَقٍ وَمِيقَاتٍ، وَفِي الْحَجِّ زِيَادَةُ عَمَلٍ عَلَى الْعُمْرَةِ، فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّهُ بَاطِنٌ دُونَ ظَاهِرٍ، وَمَعَ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهَا لِقَرِينَتِهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}. أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى أَحَدٌ إلَّا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَاجِبَتَانِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ مَكِّيِّينَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِنْهُمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ} وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِرَانِ الْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ هَدْيًا وَلَوْ كَانَ أَصْلُ الْعُمْرَةِ تَطَوُّعًا أَشْبَهَ أَنْ لاَ يَكُونَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْرِنَ الْعُمْرَةَ مَعَ الْحَجِّ لِأَنَّ أَحَدًا لاَ يُدْخِلُ فِي نَافِلَةٍ فَرْضًا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الْآخَرِ، وَقَدْ يَدْخُلُ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَأَكْثَرَ نَافِلَةً قَبْلَ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِسَلاَمٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي مَكْتُوبَةٍ وَنَافِلَةٍ مِنْ الصَّلاَةِ فَأَشْبَهَ أَنْ لاَ يَلْزَمَهُ بِالتَّمَتُّعِ أَوْ الْقِرَانِ هَدْيٌ إذَا كَانَ أَصْلُ الْعُمْرَةِ تَطَوُّعًا بِكُلِّ حَالٍ، لِأَنَّ حُكْمَ مَا لاَ يَكُونُ إلَّا تَطَوُّعًا بِحَالٍ غَيْرُ حُكْمِ مَا يَكُونُ فَرْضًا فِي حَالٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَائِلِهِ عَنْ الطِّيبِ وَالثِّيَابِ: «افْعَلْ فِي عُمْرَتِك مَا كُنْت فَاعِلاً فِي حَجَّتِك». أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ الْعُمْرَةَ هِيَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَلَمْ يُحَدِّثْنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ شَيْئًا إلَّا قُلْت لَهُ، أَفِي شَكٍّ أَنْتُمْ مِنْ أَنَّهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: لاَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً أَنْ تَقْضِيَ الْحَجِّ عَنْ أَبِيهَا وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ أَنْ تَقْضِيَ الْعُمْرَةَ عَنْهُ، قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْحَدِيثِ فَيُحْفَظُ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ وَيُحْفَظُ كُلُّهُ فَيُؤَدَّى بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ، وَيُجِيبُ عَمَّا يَسْأَلُ عَنْهُ وَيَسْتَغْنِي أَيْضًا بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْحَجَّ إذَا قُضِيَ عَنْهُ فَسَبِيلُ الْعُمْرَةِ سَبِيلُهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ وَمَا يُشْبِهُ مَا قُلْت؟ قِيلَ رَوَى عَنْهُ طَلْحَةُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْإِسْلاَمِ فَقَالَ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. وَذَكَرَ الصِّيَامَ وَلَمْ يَذْكُرْ حَجًّا وَلاَ عُمْرَةً مِنْ الْإِسْلاَمِ وَغَيْرَ هَذَا مَا يُشْبِهُ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا وَجْهُ هَذَا؟ قِيلَ لَهُ: مَا وَصَفْت مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي الْخَبَرِ فَيُؤَدَّى بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ أَوْ يُحْفَظُ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ أَوْ يُكْتَفَى بِعِلْمِ السَّائِلِ أَوْ يُكْتَفَى بِالْجَوَابِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ يَعْلَمُ السَّائِلُ بَعْدُ وَلاَ يُؤَدَّى ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ السَّائِلِ وَيُؤَدَّى فِي غَيْرِهِ. قَالَ وَإِذَا أَفْرَدَ الْعُمْرَةَ فَالْمِيقَاتُ لَهَا كَالْمِيقَاتِ فِي الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ السَّنَةِ كُلِّهَا إلَّا أَنَّا نَنْهَى الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِأَنَّهُ مَعْكُوفٌ عَلَى عَمَلِ الْحَجِّ وَلاَ يَخْرُجُ مِنْهُ إلَى الْإِحْرَامِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِ الْإِحْرَامِ الَّذِي أَفْرَدَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ لَمْ يَحُجَّ رَجُلٌ فَتَوَقَّى الْعُمْرَةَ حَتَّى تَمْضِيَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كَانَ وَجْهًا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَجَائِزٌ لَهُ، لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ إحْرَامٍ نَمْنَعُهُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ لِإِحْرَامِ غَيْرِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُجْزِيه أَنْ يَقْرِنَ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ وَتَجْزِيهِ مِنْ الْعُمْرَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ وَيُهَرِيق دَمًا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ} فَالْقَارِنُ أَخَفُّ حَالاً مِنْ الْمُتَمَتِّعِ، الْمُتَمَتِّعُ إنَّمَا أَدْخَلَ عُمْرَةً فَوَصَلَ بِهَا حَجًّا فَسَقَطَ عَنْهُ مِيقَاتُ الْحَجِّ وَقَدْ سَقَطَ عَنْ هَذَا وَأَدْخَلَ الْعُمْرَةَ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ وَقَدْ أَدْخَلَهَا الْقَارِنُ، وَزَادَ الْمُتَمَتِّعُ أَنْ تَمَتَّعَ بِالْإِحْلاَلِ مِنْ الْعُمْرَةِ إلَى إحْرَامِ الْحَجِّ وَلاَ يَكُونُ الْمُتَمَتِّعُ فِي أَكْثَرِ مِنْ حَالِ الْقَارِنِ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْهَدْيِ. قَالَ وَتُجْزِئُ الْعُمْرَةُ قَبْلَ الْحَجِّ وَالْحَجُّ قَبْلَ الْعُمْرَةِ مِنْ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ. قال: وَإِذَا اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى يُنْشِئَ الْحَجَّ أَنْشَأَهُ مِنْ مَكَّةَ لاَ مِنْ الْمِيقَاتِ. قَالَ وَإِنْ أَفْرَدَ الْحَجَّ فَأَرَادَ الْعُمْرَةَ بَعْدَ الْحَجِّ خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ ثُمَّ أَهَلَّ مِنْ أَيْنَ شَاءَ وَسَقَطَ عَنْهُ بِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ، فَأَحْرَمَ بِهَا مِنْ أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ مِنْ مِيقَاتِهَا، وَلاَ مِيقَاتَ لَهَا دُونَ الْحِلِّ. كَمَا يَسْقُطُ مِيقَاتُ الْحَجِّ إذَا قَدَّمَ الْعُمْرَةَ قَبْلَهُ لِدُخُولِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ وَأَحَبَّ إلَى أَنْ يَعْتَمِرَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ مِنْهَا، فَإِنْ أَخْطَأَهُ ذَلِكَ اعْتَمَرَ مِنْ التَّنْعِيمِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَائِشَةَ أَنْ تَعْتَمِرَ مِنْهَا وَهِيَ أَقْرَبُ الْحِلِّ إلَى الْبَيْتِ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ ذَلِكَ اعْتَمَرَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهَا وَأَرَادَ الْمَدْخَلَ لِعُمْرَتِهِ مِنْهَا. أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ سَمِعْت عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ الثَّقَفِيَّ يَقُولُ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُرْدِفَ عَائِشَةَ فَيُعْمِرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَعَائِشَةُ كَانَتْ قَارِنَةً فَقَضَتْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ الْوَاجِبَتَيْنِ عَلَيْهَا، وَأَحَبَّتْ أَنْ تَنْصَرِفَ بِعُمْرَةٍ غَيْرِ مَقْرُونَةٍ بِحَجٍّ، فَسَأَلَتْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِإِعْمَارِهَا، فَكَانَتْ لَهَا نَافِلَةً خَيْرًا، وَقَدْ كَانَتْ دَخَلَتْ مَكَّةَ بِإِحْرَامٍ، فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا رُجُوعٌ إلَى الْمِيقَاتِ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ مُزَاحِمٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَرِّشٍ الْكَعْبِيِّ أَوْ مُحَرِّشٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ لَيْلاً فَاعْتَمَرَ وَأَصْبَحَ بِهَا كَبَائِتٍ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ هُوَ مُحَرِّشٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَصَابَ ابْنُ جُرَيْجٍ لِأَنَّ وَلَدَهُ عِنْدَنَا يَقُولُ بَنُو مُحَرِّشٍ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَةَ: «طَوَافُك بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيك لِحَجِّك وَعُمْرَتِك». أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ وَرُبَّمَا قَالَ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَةَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَعَائِشَةُ كَانَتْ قَارِنَةً فِي ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ اعْتَمَرَتْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِعْمَارِهَا بَعْدَ الْحَجِّ فَكَانَتْ لَهَا عُمْرَتَانِ فِي شَهْرٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْجِعْرَانَةِ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ فَكَانَ مُتَطَوِّعًا بِعُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ، فَكَانَ وَإِنْ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ لِلْحَرْبِ فَلَيْسَتْ عُمْرَتُهُ مِنْ الْجِعْرَانَةِ قَضَاءً وَلَكِنَّهَا تَطَوُّعٌ، وَالْمُتَطَوِّعُ يَتَطَوَّعُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ خَارِجًا مِنْ الْحَرَمِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَهَلَّ رَجُلٌ بِحَجٍّ فَفَاتَهُ خَرَجَ مِنْ حَجِّهِ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَكَانَ عَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ وَالْهَدْيُ وَلَمْ تَجُزْ هَذِهِ عَنْهُ مِنْ حَجَّةٍ وَلاَ عُمْرَةٍ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَرَجَ مِنْ الْحَجِّ بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ، لاَ أَنَّهُ ابْتَدَأَ عُمْرَةً فَتَجْزِي عَنْهُ مِنْ عُمْرَةٍ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: يَجُوزُ أَنْ يُهِلَّ الرَّجُلُ بِعُمْرَةٍ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَيَّامَ مِنًى وَغَيْرَهَا مِنْ السَّنَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاجًّا وَلَمْ يَطْمَعْ بِإِدْرَاكِ الْحَجِّ وَإِنْ طَمِعَ بِإِدْرَاكِ الْحَجِّ أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يَكُونَ إهْلاَلُهُ بِحَجٍّ دُونَ عُمْرَةٍ أَوْ حَجٍّ مَعَ عُمْرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَاعْتَمَرَ جَازَتْ الْعُمْرَةُ وَأَجْزَأَتْ عَنْهُ عُمْرَةُ الْإِسْلاَمِ وَعُمْرَةٌ إنْ كَانَ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ أَوْجَبَهُ تَبَرَّرَ أَوْ اعْتَمَرَ عَنْ غَيْرِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعُمْرَةُ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ؟ قِيلَ قَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ فَأَدْخَلَتْ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَوَافَتْ عَرَفَةَ وَمِنًى حَاجَةً مُعْتَمِرَةً وَالْعُمْرَةُ لَهَا مُتَقَدِّمَةٌ وَقَدْ أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ وَأَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَكَانَ مُهِلًّا بِحَجٍّ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى وَيَحْلِقَ وَيَحِلَّ فَهَذَا عَمَلُ عُمْرَةٍ إنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَإِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ حُرْمَةً أَوْلاَهَا أَنْ يَنْسَك فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ وَجْهَ لاََنْ يُنْهَى أَحَدٌ أَنْ يَعْتَمِرَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَلاَ لَيَالِي مِنًى إلَّا أَنْ يَكُونَ حَاجًّا فَلاَ يُدْخِلُ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ وَلاَ يَعْتَمِرُ حَتَّى يُكْمِلَ عَمَلَ الْحَجِّ كُلَّهُ، لِأَنَّهُ مَعْكُوفٌ بِمِنًى عَلَى عَمَلٍ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ مِنْ الرَّمْيِ وَالْإِقَامَةِ بِمِنًى طَافَ لِلزِّيَارَةِ أَوْ لَمْ يَطُفْ، فَإِنْ اعْتَمَرَ وَهُوَ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ إحْرَامِ حَجِّهِ أَوْ خَارِجًا مِنْ إحْرَامِ حَجِّهِ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى عَمَلٍ مِنْ عَمَلِ حَجِّهِ فَلاَ عُمْرَةَ لَهُ وَلاَ فِدْيَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ فِي وَقْتٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُهِلَّ بِهَا فِيهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يَعْتَمِرَ الرَّجُلُ فِي السَّنَةِ مِرَارًا، وَهَذَا قَوْلُ الْعَامَّةِ مِنْ الْمَكِّيِّينَ وَأَهْلِ الْبُلْدَانِ، غَيْرَ أَنَّ قَائِلاً مِنْ الْحِجَازِيِّينَ كَرِهَ الْعُمْرَةَ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِذَا كَانَتْ الْعُمْرَةُ تَصْلُحُ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَلاَ تُشْبِهُ الْحَجَّ الَّذِي لاَ يَصْلُحُ إلَّا فِي يَوْمٍ مِنْ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ إنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ الْحَجَّ فَاتَ إلَى قَابِلٍ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ تُقَاسَ عَلَيْهِ وَهِيَ تُخَالِفُهُ فِي هَذَا كُلِّهِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْت؟ قِيلَ لَهُ عَائِشَةُ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَمِمَّنْ دَخَلَ فِي أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ عُمْرَةً فَعَرِكَتْ فَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى الطَّوَافِ لِلطَّمْثِ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُهِلَّ بِالْحَجِّ فَكَانَتْ قَارِنَةً وَكَانَتْ عُمْرَتُهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ سَأَلَتْهُ أَنْ يُعْمِرَهَا فَأَعْمَرَهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ فَكَانَتْ هَذِهِ عُمْرَتَيْنِ فِي شَهْرٍ فَكَيْفَ يُنْكِرُ أَحَدٌ بَعْدَ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُمْرَتَيْنِ فِي شَهْرٍ يَزْعُمُ أَنْ لاَ تَكُونَ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً؟ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ بَعْضِ وَلَدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِمَكَّةَ فَكَانَ إذَا حَمَّمَ رَأْسَهُ خَرَجَ فَاعْتَمَرَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ فِي كُلِّ شَهْرٍ عُمْرَةٌ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عَائِشَةَ اعْتَمَرَتْ فِي سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ، مَرَّةً مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَمَرَّةً مِنْ الْجُحْفَةِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَتْ فِي سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ قَالَ صَدَقَةٌ: فَقُلْت هَلْ عَابَ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَحَدٌ؟ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَاسْتَحْيَيْت، أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ اعْتَمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَعْوَامًا فِي عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ عَامٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ قَالَ سُئِلَ عَطَاءٌ عَنْ الْعُمْرَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِيمَا وَصَفْت مِنْ عُمْرَةِ عَائِشَةَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ وَفِي أَنَّهُ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بَيَانٌ أَنَّ الْعُمْرَةَ تَجُوزُ فِي زَمَانِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ وَإِذَا جَازَتْ فِي شَهْرٍ مَرَّتَيْنِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَايَلَتْ مَعْنَى الْحَجِّ الَّذِي لاَ يَكُونُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَصَلُحَتْ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَحِينَ أَرَادَهُ صَاحِبُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا بِغَيْرِهَا مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلاَ يُدْخِلُ إحْرَامًا بِغَيْرِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا أَهَلَّ رَجُلٌ بِعُمْرَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ فَإِذَا دَخَلَ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهِ الْحَجَّ وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ حَجٌّ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي وَقْتٍ لَيْسَ لَهُ إدْخَالُ الْحَجِّ فِيهِ عَلَى عَمَلِ الْعُمْرَةِ وَلَوْ كَانَ إهْلاَلُهُ بِحَجٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَكُنْ مُهِلًّا بِعُمْرَةٍ وَلاَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ. قَالَ وَمَنْ لَمْ يَحُجَّ اعْتَمَرَ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا وَمَنْ حَجَّ لَمْ يُدْخِلْ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ حَتَّى يُكْمِلَ عَمَلَ الْحَجِّ وَهُوَ آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إنْ أَقَامَ إلَى آخِرِهَا وَإِنْ نَفَرَ النَّفَرَ الْأَوَّلَ فَاعْتَمَرَ يَوْمئِذٍ لَزِمَتْهُ الْعُمْرَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ لِلْحَجِّ عَمَلٌ وَلَوْ أَخَّرَهُ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ وَلَوْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ فِي يَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَنْفِرْ كَانَ إهْلاَلُهُ بَاطِلاً لِأَنَّهُ مَعْكُوفٌ عَلَى عَمَلٍ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ فَلاَ يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا بِكَمَالِهِ وَالْخُرُوجُ مِنْهُ. قال: وَخَالَفَنَا بَعْضُ حِجَازِيِّينَا فَقَالَ لاَ يَعْتَمِرُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً، وَهَذَا خِلاَفُ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أَعَمْرَ عَائِشَةَ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مَرَّتَيْنِ وَخِلاَفُ فِعْلِ عَائِشَةَ نَفْسِهَا وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ رضي الله عنهم وَعَوَامِّ النَّاسِ وَأَصْلُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ قَوْلُهُ: أَنَّ الْعُمْرَةَ تَصْلُحُ فِي كُلِّ السَّنَةِ فَكَيْفَ قَاسَهَا بِالْحَجِّ الَّذِي لاَ يَصْلُحُ إلَّا فِي يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ؟ وَأَيُّ وَقْتٍ وَقْتٌ لِلْعُمْرَةِ مِنْ الشُّهُورِ؟ فَإِنْ قَالَ: أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ، فَكَيْفَ لَمْ يَعْتَمِرْ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ مِرَارًا، وَقَوْلُ الْعَامَّةِ عَلَى مَا قُلْنَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّتَيْنِ مَعًا أَوْ حَجَّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ حَجًّا آخَرَ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ الْحَجَّ فَهُوَ مُهِلٌّ بِحَجٍّ وَاحِدٍ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي مِنْ فِدْيَةٍ وَلاَ قَضَاءٍ وَلاَ غَيْرِهِ. قال: وَإِكْمَالُ عَمَلِ الْحَجِّ أَنْ لاَ يَبْقَى عَلَيْهِ طَوَافٌ وَلاَ حِلاَقٌ وَلاَ رَمْيٌ وَلاَ مُقَامٌ بِمِنًى، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ قُلْت هَذَا؟ قِيلَ كَانَ عَلَيْهِ فِي الْحَجِّ أَنْ يَأْتِيَ بِعَمَلِهِ عَلَى كَمَالِهِ فَيُدْخِلُ فِيهِ حَرَامًا وَيَكُونُ كَمَالُهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهُ حَلاَلاً مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ بَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ وَبَعْدَ النَّحْرِ مِنْ كُلِّهِ بِكَمَالِهِ فَلَوْ أَلْزَمْنَاهُ الْحَجَّتَيْنِ وَقُلْنَا: أَكْمَلَ إحْدَاهُمَا أَمَرْنَاهُ بِالْإِحْلاَلِ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِحَجٍّ، وَلَوْ قُلْنَا لَهُ لاَ تَخْرُجُ مِنْ إحْرَامِ أَحَدِهِمَا إلَّا بِخُرُوجِك مِنْ الْآخَرِ بِكَمَالِهِ قُلْنَا لَهُ ائْتِ بِبَعْضِ عَمَلِ الْحَجِّ دُونَ بَعْضٍ فَإِنْ قَالَ وَمَا يَبْقَى عَلَيْهِ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ؟ قِيلَ الْحِلاَقُ فَأَمَرْنَاهُ أَنْ لاَ يُكْمِلَ الْحَجَّ انْتِظَارًا لِلَّذِي بَعْدَهُ وَلَوْ جَازَ هَذَا جَازَ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَقِمْ فِي بَلَدِك أَوْ فِي مَكَّةَ وَلاَ تُعْمِلْ لِأَحَدِ حجيك حَتَّى تُعْمِلَ لِلْآخَرِ مِنْهُمَا كَمَا يُقَالُ لِلْقَارِنِ، فَيَكُونُ إنَّمَا عَمِلَ بِحَجٍّ وَاحِدٍ وَبَطَلَ الْآخَرُ وَلَوْ قُلْنَا بَلْ يَعْمَلُ لِأَحَدِهِمَا وَيَبْقَى مُحْرِمًا بِالْآخَرِ قُلْنَا: فَهُوَ لَمْ يُكْمِلْ عَمَلَ أَحَدِهِمَا وَأَكْمَلَ عَمَلَ الْآخَرِ فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي أَحَدِهِمَا مَا سَقَطَ عَنْهُ فِي الْآخَرِ؟ فَإِنْ قُلْت بَلْ يَحِلُّ مِنْ أَحَدِهِمَا، قِيلَ فَلَمْ يَلْزَمْهُ أَدَاءُ الْآخَرِ إذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْأَوَّلِ لَمْ يَدْخُلْ فِي غَيْرِهِ إلَّا بِتَجْدِيدِ دُخُولٍ فِيهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَكَثِيرٌ مِمَّنْ حَفِظْنَا عَنْهُ لَمْ نَعْلَمْ مِنْهُمْ اخْتِلاَفًا يَقُولُونَ إذَا أَهَلَّ بِحَجٍّ ثُمَّ فَاتَهُ عَرَفَةُ لَمْ يَقُمْ حَرَامًا وَطَافَ وَسَعَى وَحَلَقَ ثُمَّ قَضَى الْحَجَّ الْفَائِتَ لَمْ يَجُزْ أَبَدًا فِي الَّذِي لَمْ يَفُتْهُ الْحَجُّ أَنْ يُقِيمَ حَرَامًا بَعْدَ الْحَجِّ بِحَجٍّ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ لَمْ يَجُزْ إلَّا سُقُوطُ إحْدَى الْحَجَّتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ إذَا أَهَلَّ بِحَجَّتَيْنِ فَهُوَ مُهِلٌّ بِحَجٍّ وَتَابَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ. قال: وَالْقَوْلُ فِي الْعُمْرَتَيْنِ هَكَذَا وَكَمَالُ الْعُمْرَةِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْحِلاَقُ وَأَمْرُهُمْ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَنْ يَحِلَّ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَحِلاَقٍ وَيَقْضِي يَدُلَّانِ مَعًا عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ قَدْ يَقْدِرُ أَنْ يُقِيمَ حَرَامًا إلَى قَابِلٍ وَلاَ أَرَاهُمْ أَمَرُوهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ إحْرَامِهِ بِالطَّوَافِ وَلاَ يُقِيمُ حَرَامًا لِأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ حَجِّهِ يُعْمِلُ عُمْرَةً فَلَيْسَ أَنَّ حَجَّهُ صَارَ عُمْرَةً وَلاَ يَصِيرُ عُمْرَةً وَقَدْ ابْتَدَأَ حَجًّا فِي وَقْتٍ يَجُوزُ فِيهِ الْإِهْلاَلُ بِالْحَجِّ وَلَوْ جَازَ أَنْ يَنْفَسِخَ الْحَجُّ عُمْرَةً جَازَ أَنْ يَكُونَ مَنْ ابْتَدَأَ فَأَهَلَّ بِحَجَّتَيْنِ مُهِلًّا بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يُبْتَدَأَ حَجٌّ وَعُمْرَةٌ وَلَمْ يَجُزْ لِمَنْ قَالَ يَصِيرُ حَجُّهُ عُمْرَةً إلَّا مَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ إذَا ابْتَدَأَ فَأَهَلَّ بِحَجَّتَيْنِ فَهُوَ مُهِلٌّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ إهْلاَلِهِ بِهِ حَجًّا فَبَيَّنَ فِي كُلِّ حَالٍ أَنْ لاَ يَكُونَ مُدْخِلاً حَجًّا عَلَى حَجٍّ وَلاَ تَكُونُ عُمْرَةٌ مَعَ حَجٍّ، كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ فَأَدْخَلَ عُمْرَةً عَلَى حَجٍّ لَمْ يُدْخِلْ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يَصْرِفَ الْحَجَّ عُمْرَةً جَازَ أَنْ تُصْرَفَ الْعُمْرَةَ حَجًّا فَيَكُونُ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَتَيْنِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مُهِلًّا بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَصَرَفْنَا إحْرَامَهُ إلَى الَّذِي يَجُوزُ لَهُ، وَلاَ يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا غَيْرُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّتَيْنِ فَهُوَ مُهِلٌّ بِحَجٍّ وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَتَيْنِ فَهُوَ مُهِلٌّ بِعُمْرَةٍ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَخِلاَفُنَا رَجُلاَنِ مِنْ النَّاسِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: مِنْ أَهَلَّ بِحَجَّتَيْنِ لَزِمَتَاهُ فَإِذَا أَخَذَ فِي عَمَلِهِمَا فَهُوَ رَافِضٌ لِلْآخَرِ، وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ رَافِضٌ لِلْآخَرِ حِينَ ابْتَدَأَ الْإِهْلاَلَ وَأَحْسِبُهُمَا قَالاَ: وَعَلَيْهِ فِي الرَّفْضِ دَمٌ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ حُكِيَ لِي عَنْهُمَا مَعًا أَنَّهُمَا قَالاَ: مَنْ أَجْمَعَ صِيَامَ يَوْمَيْنِ فَصَامَ أَحَدَهُمَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْآخَرُ لِأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْآخَرِ إلَّا بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْأَوَّلِ، وَهَكَذَا مَنْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ فَكَبَّرَ يَنْوِي صَلاَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ إلَّا صَلاَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ صَلاَتَانِ مَعًا، لِأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ فِي الْآخَرِ إلَّا مِنْ بَعْدِ الْخُرُوجِ مِنْ الْأُولَى. قال: وَكَذَلِكَ لَوْ نَوَى صَلاَتَيْنِ تَطَوُّعًا مِمَّا يُفْصَلُ بَيْنَهُمَا بِسَلاَمٍ، فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فِي الصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ فَكَيْفَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمَا هَكَذَا فِي الْحَجِّ؟ مَعَ أَنَّهُ يُلْزِمُهُمَا أَنْ يَدَعَا قَوْلَهُمَا فِي الْحَجِّ، إنْ زَعَمَا أَنَّ الْحَجَّ يَصِيرُ عُمْرَةً إذَا فَاتَتْ عَرَفَةُ أَشْبَهَ أَنْ يُلْزِمَهُمَا إذَا كَانَ الْإِحْرَامُ بِحَجَّتَيْنِ لاَزِمًا أَنْ يَقُولاَ هُوَ حَجٌّ وَعُمْرَةٌ قَالَ الشَّافِعِيّ يَقْضِي أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَقُولاَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا قُلْنَا لاَ يَقْرِنُ بَيْنَ عَمَلَيْنِ إلَّا بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ يُدْخِلُ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَلاَ يُدْخِلُ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ إذَا بَدَأَ بِالْحَجِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لاَ نَجْمَعَ بَيْنَ عَمَلَيْنِ، فَلَمَّا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي حَالٍ سَلِمَ لِلْخَبَرِ فِي الْجَمْعِ بَيْنِهِمَا، وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا إلَّا عَلَى مَا جَاءَ فِيهِ الْخَبَرُ لاَ يُخَالِفُهُ وَلاَ يَقِيسُ عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَيُهِلُّ أَهْلُ الشَّامِ مِنْ الْجُحْفَةِ وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ». قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَيَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ». أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَنْ يُهِلُّوا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَهْلَ الشَّامِ مِنْ الْجُحْفَةِ وَأَهْلَ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّا هَؤُلاَءِ الثَّلاَثُ فَسَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُخْبِرْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ». أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ؟ قَالَ: «يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَيُهِلُّ أَهْلُ الشَّامِ مِنْ الْجُحْفَةِ وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ». قَالَ لِي نَافِعٌ: وَيَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ». قال: وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ الْمُهِلِّ فَقَالَ سَمِعْت، ثُمَّ انْتَهَى، أُرَاهُ يُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَالطَّرِيقُ الْآخَرُ مِنْ الْجُحْفَةِ وَأَهْلُ الْمَغْرِبِ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ يُسَمِّ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: يُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مُرْسَلاً أَنَّهُ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ ذَاتَ عِرْقٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ غَيْرَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الْمَغْرِبِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ الْمَشْرِقِ ذَاتَ عِرْقٍ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَمَنْ سَلَكَ نَجْدًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَغَيْرِهِمْ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: فَرَاجَعْت عَطَاءً فَقُلْت: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَعَمُوا لَمْ يُوَقِّتْ ذَاتَ عِرْقٍ وَلَمْ يَكُنْ أَهْلُ الْمَشْرِقِ حِينَئِذٍ، قَالَ كَذَلِكَ سَمِعْنَا أَنَّهُ وَقَّتَ ذَاتَ عِرْقٍ أَوْ الْعَقِيقَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ عِرَاقٌ وَلَكِنْ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ وَلَمْ يَعْزُهُ إلَى أَحَدٍ دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّهُ يَأْبَى إلَّا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَهُ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمْ يُوَقِّتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ عِرْقٍ وَلَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ أَهْلُ مَشْرِقٍ، فَوَقَّتَ النَّاسُ ذَاتَ عِرْقٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ أَحْسَبُهُ إلَّا كَمَا قَالَ طَاوُسٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يُوَقِّتْ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ شَيْئًا فَاِتَّخَذَ النَّاسُ بِحِيَالِ قَرْنِ ذَاتِ عِرْقٍ. أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَقَّتَ ذَاتَ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مُرْسَلاً، وَذَاتُ عِرْقٍ شَبِيهٌ بِقَرَنٍ فِي الْقُرْبِ وَأَلَمْلَمُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهَا أَهْلُ الْمَشْرِقِ رَجَوْت أَنْ يَجْزِيَهُمْ قِيَاسًا عَلَى قَرْنٍ وَيَلَمْلَمُ، وَلَوْ أَهَلُّوا مِنْ الْعَقِيقِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذِهِ الْمَوَاقِيتُ لِأَهْلِهَا وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمَنْ كَانَ أَهْلُهُ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ فَلْيُهْلِلْ مِنْ حَيْثُ يُنْشِئُ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ». أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَوَاقِيتِ مِثْلَ مَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانُ فِي الْمَوَاقِيتِ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِّ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ يَبْدَأُ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا وَقَّتَ الْمَوَاقِيتَ قَالَ لِيَسْتَمْتِعْ الْمَرْءُ بِأَهْلِهِ وَثِيَابِهِ حَتَّى يَأْتِيَ كَذَا وَكَذَا لِلْمَوَاقِيتِ، قُلْت: أَفَلَمْ يَبْلُغْك أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا بَلَغُوا كَذَا وَكَذَا أَهَلُّوا»؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي.
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: قَالَ: وَلَمْ يُسَمِّ عَمْرٌو الْقَائِلَ إلَّا أَنَّا نُرَاهُ ابْنَ عَبَّاسٍ الرَّجُلُ يُهِلُّ مِنْ أَهْلِهِ وَمِنْ بَعْدَمَا يُجَاوِزُ أَيْنَ شَاءَ وَلاَ يُجَاوِزُ الْمِيقَاتَ إلَّا مُحْرِمًا. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عَبَّاسٍ يَرُدُّ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَإِذَا أَهَلَّ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ مِنْ دُونِ مِيقَاتِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِيقَاتِهِ فَهُوَ مُحْرِمٌ فِي رُجُوعِهِ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ أَمَرْته بِالرُّجُوعِ وَقَدْ أَلْزَمْته إحْرَامًا قَدْ ابْتَدَأَهُ مِنْ دُونِ مِيقَاتِهِ؟ أَقُلْت ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِابْنِ عَبَّاسٍ أَمْ خَبَرًا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ قِيَاسًا؟ قُلْت: هُوَ وَإِنْ كَانَ اتِّبَاعًا لِابْنِ عَبَّاسٍ فَفِيهِ أَنَّهُ فِي مَعْنَى السُّنَّةِ، فَإِنْ قَالَ: فَاذْكُرْ السُّنَّةَ الَّتِي هُوَ فِي مَعْنَاهَا، قُلْت: أَرَأَيْت إذْ وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَوَاقِيتَ لِمَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً، أَلَيْسَ الْمُرِيدُ لَهُمَا مَأْمُورًا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا مِنْ الْمِيقَاتِ لاَ يَحِلُّ إلَّا بِإِتْيَانِ الْبَيْتِ وَالطَّوَافِ وَالْعَمَلِ مَعَهُ؟ قَالَ: بَلَى. قُلْت: افْتَرَاهُ مَأْذُونًا لَهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْمِيقَاتِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُحْرِمٍ؟ قَالَ: بَلَى. قُلْت: أَفَتَرَاهُ أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا لَهُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ سَفَرِهِ حَلاَلاً وَبَعْضُهُ حَرَامًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت أَفَرَأَيْت إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ فَأَحْرَمَ أَوْ لَمْ يُحْرِمْ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ فَأَحْرَمَ مِنْهُ، أَمَا أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا مِنْ الْمِيقَاتِ إلَى أَنْ يَحِلَّ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَعَمَلِ غَيْرِهِ؟ قَالَ: بَلَى. وَلَكِنَّهُ إذَا دَخَلَ فِي إحْرَامٍ بَعْدَ الْمِيقَاتِ فَقَدْ لَزِمَهُ إحْرَامُهُ وَلَيْسَ بِمُبْتَدِئٍ إحْرَامًا مِنْ الْمِيقَاتِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْت إنَّهُ لاَ يَضِيقُ عَلَيْهِ أَنْ يَبْتَدِئَ الْإِحْرَامَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ كَمَا لاَ يَضِيقُ عَلَيْهِ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ أَهْلِهِ فَلَمْ يَأْتِ الْمِيقَاتَ إلَّا وَقَدْ تَقَدَّمَ بِإِحْرَامِهِ لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا مِنْ الْمِيقَاتِ إلَى أَنْ يَحِلَّ بِالطَّوَافِ وَعَمَلِ الْحَجِّ، وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا كَانَ الَّذِي جَاوَزَ الْمِيقَاتَ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فِي مَعْنَى هَذَا فِي أَنَّهُ قَدْ أَتَى عَلَى الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا ثُمَّ كَانَ بَعْدُ مُحْرِمًا إلَى أَنْ يَطُوفَ وَيَعْمَلَ لِإِحْرَامِهِ إلَّا أَنَّهُ زَادَ عَلَى نَفْسِهِ سَفَرًا بِالرُّجُوعِ وَالزِّيَادَةُ لاَ تُؤْثِمُهُ وَلاَ تُوجِبُ عَلَيْهِ فِدْيَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنْ قَالَ: أَفَرَأَيْت مَنْ كَانَ أَهْلُهُ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمِيقَاتِ؟ قُلْت سَفَرُ ذَلِكَ كُلِّهِ إحْرَامٌ وَحَالُهُ إذَا جَاوَزَ أَهْلَهُ حَالُ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ يَفْعَلُ مَا أَمَرْنَا بِهِ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ: مَنْ شَاءَ أَهَلَّ مِنْ بَيْتِهِ وَمَنْ شَاءَ اسْتَمْتَعَ بِثِيَابِهِ حَتَّى يَأْتِيَ مِيقَاتَهُ وَلَكِنْ لاَ يُجَاوِزُهُ إلَّا مُحْرِمًا يَعْنِي مِيقَاتَهُ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: الْمَوَاقِيتُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ سَوَاءٌ وَمَنْ شَاءَ أَهَلَّ مِنْ وَرَائِهَا وَمَنْ شَاءَ أَهَلَّ مِنْهَا وَلاَ يُجَاوِزُهَا إلَّا مُحْرِمًا وَبِهَذَا نَأْخُذُ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ عَطَاءً قَالَ: وَمَنْ أَخْطَأَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ أَوْ عَمَدَ ذَلِكَ فَلْيَرْجِعْ إلَى مِيقَاتِهِ فَلْيُهْلِلْ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَحْبِسَهُ أَمْرٌ يُعْذَرُ بِهِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ يَخْشَى أَنْ يَفُوتَهُ الْحَجُّ إنْ رَجَعَ فَلْيُهْرِقْ دَمًا وَلاَ يَرْجِعْ، وَأَدْنَى مَا يُهْرِيقُ مِنْ الدَّمِ فِي الْحَجِّ أَوْ غَيْرِهِ شَاةٌ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ أَرَأَيْت الَّذِي يُخْطِئُ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ وَيَأْتِي وَقَدْ أَزِفَ الْحَجُّ فَيُهْرِيقُ دَمًا أَيَخْرُجُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْحَرَمِ فَيُهِلَّ بِالْحَجِّ مِنْ الْحِلِّ؟ قَالَ: لاَ. وَلَمْ يَخْرُجْ خَشْيَةَ الدَّمِ الَّذِي يُهْرِيقُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ مَنْ أَهَلَّ مِنْ دُونِ مِيقَاتِهِ أَمَرْنَاهُ بِالرُّجُوعِ إلَى مِيقَاتِهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَإِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ لَمْ نَأْمُرْهُ بِالرُّجُوعِ وَأَمَرْنَاهُ أَنْ يُهْرِيقَ دَمًا، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى مِيقَاتِهِ بِعُذْرٍ أَوْ تَرَكَهُ عَامِدًا لَمْ نَأْمُرْهُ بِأَنْ يَخْرُجَ إلَى شَيْءٍ دُونَ مِيقَاتِهِ وَأَمَرْنَاهُ أَنْ يُهْرِيقَ دَمًا وَهُوَ مُسِيءٌ فِي تَرْكِهِ أَنْ يَرْجِعَ إذَا أَمْكَنَهُ عَامِدًا وَلَوْ كَانَ مِيقَاتُ الْقَوْمِ قَرْيَةً فَأَقَلُّ مَا يَلْزَمُهُ فِي الْإِهْلاَلِ أَنْ لاَ يَخْرُجَ مِنْ بُيُوتِهَا حَتَّى يُحْرِمَ وَأَحَبُّ إلَيَّ إنْ كَانَتْ بُيُوتُهَا مُجْتَمِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً أَنْ يَتَقَصَّى فَيُحْرِمُ مِنْ أَقْصَى بُيُوتِهَا مِمَّا يَلِي بَلَدَهُ الَّذِي هُوَ أَبْعَدُ مِنْ مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ وَادِيًا فَأَحَبَّ إلَى أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَقْصَاهُ وَأَقْرَبُهُ بِبَلَدِهِ وَأَبْعَدُهُ مِنْ مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ ظُهْرًا مِنْ الْأَرْضِ فَأَقَلُّ مَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُهِلَّ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الظُّهْرِ أَوْ الْوَادِي أَوْ الْوَضْعُ أَوْ الْقَرْيَةُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ مَوْضِعَهَا فَيُهِلُّ مِنْهُ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَقْصَاهُ إلَى بَلَدِهِ الَّذِي هُوَ أَبْعَدُ مِنْ مَكَّةَ، فَإِنَّهُ إذَا أَتَى بِهَذَا فَقَدْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ يَقِينًا أَوْ زَادَ وَالزِّيَادَةُ لاَ تَضُرُّ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْقَرْيَةَ نُقِلَتْ فَيُحْرِمُ مِنْ الْقَرْيَةِ الْأُولَى، وَإِنْ جَاوَزَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ رَجَعَ أَوْ أَهَرَاقَ دَمًا، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ قَالَ رَأَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَجُلاً يُرِيدُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مِيقَاتِ ذَاتِ عِرْقٍ فَأَخَذَ بِيَدِهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْبُيُوتِ وَقَطَعَ بِهِ الْوَادِي وَأَتَى بِهِ الْمَقَابِرَ ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ ذَاتُ عِرْقٍ الْأُولَى. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ سَلَكَ بَحْرًا أَوْ بَرًّا مِنْ غَيْرِ وَجْهِ الْمَوَاقِيتِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ إذَا حَاذَى الْمَوَاقِيتَ مُتَأَخِّيًا وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَحْتَاطَ فَيُحْرِمَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَهَلَّ بَعْدَمَا جَاوَزَ الْمَوَاقِيتَ كَانَ كَمَنْ جَاوَزَهَا فَرَجَعَ أَوْ أَهَرَاقَ دَمًا أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَلَكَ بَحْرًا أَوْ بَرًّا مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْمَوَاقِيتِ أَحْرَمَ إذَا حَاذَى الْمَوَاقِيتَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَمَنْ سَلَكَ كَدَاءَ مِنْ أَهْلِ نَجِدْ وَالسَّرَاةِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مِنْ قَرْنٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ ثَنِيَّةَ كَدًى وَذَلِكَ أَرْفَعُ مِنْ قَرْنٍ فِي نَجْدٍ وَأَعْلَى وَادِي قَرْنٍ وَجِمَاعُ ذَلِكَ مَا قَالَ عَطَاءٌ أَنْ يُهِلَّ مَنْ جَاءَ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْمَوَاقِيتِ، إذَا حَاذَى الْمَوَاقِيتَ وَحَدِيثُ طَاوُسٍ فِي الْمَوَاقِيتِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْضَحُهَا مَعْنًى وَأَشَدُّهَا غِنًى عَمَّا دُونَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَتَى عَلَى الْمَوَاقِيتِ ثُمَّ قَالَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُنَّ لِأَهْلِهِنَّ وَلِكُلِّ آتٍ عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً». وَكَانَ بَيِّنًا فِيهِ أَنَّ عِرَاقِيًّا أَوْ شَامِيًّا لَوْ مَرَّ بِالْمَدِينَةِ يُرِيدُ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً كَانَ مِيقَاتُهُ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَإِنْ مَدَنِيًّا لَوْ جَاءَ مِنْ الْيَمَنِ كَانَ مِيقَاتُهُ يَلَمْلَمَ وَأَنَّ قَوْلَهُ يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ بِلاَدِهِمْ وَيَكُونُ ذُو الْحُلَيْفَةِ طَرِيقُهُمْ وَأَوَّلُ مِيقَاتٍ يَمُرُّونَ بِهِ وَقَوْلُهُ وَأَهْلُ الشَّامِّ مِنْ الْجُحْفَةِ لِأَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ بِلاَدِهِمْ وَالْجُحْفَةُ طَرِيقُهُمْ وَأَوَّلُ مِيقَاتٍ يَمُرُّونَ بِهِ لَيْسَتْ الْمَدِينَةَ وَلاَ ذُو الْحُلَيْفَةِ طَرِيقَهُمْ إلَّا أَنْ يَعْرُجُوا إلَيْهَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي أَهْلِ نَجْدٍ وَالْيَمَنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَارِجٌ مِنْ بَلَدِهِ وَكَذَلِكَ أَوَّلُ مِيقَاتٍ يَمُرُّونَ بِهِ وَفِيهِ مَعْنًى آخَرُ أَنَّ أَهْلَ نَجْدٍ الْيَمَنِ يَمُرُّونَ بِقَرْنٍ، فَلَمَّا كَانَتْ طَرِيقُهُمْ لَمْ يُكَلَّفُوا أَنْ يَأْتُوا يَلَمْلَمَ وَإِنَّمَا مِيقَاتُ يَلَمْلَمَ لِأَهْلِ غَوْرِ الْيَمَنِ تُهِمّهَا مِمَّنْ هِيَ طَرِيقُهُمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ يَجُوزُ فِي الْحَدِيثِ غَيْرُ مَا قُلْت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَيْنَ كَانُوا فَأَرَادُوا الْحَجَّ أَنْ يُهِلُّوا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ رَجَعُوا مِنْ الْيَمَنِ إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ وَرَجَعَ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ الْمَدِينَةِ إنْ أَرَادُوا مِنْهَا الْحَجَّ إلَى يَلَمْلَمَ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ مَا قُلْت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْحَدِيثِ مَعْقُولٌ فِيهِ وَمَعْقُولٌ فِي الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهَا مَا وَصَفْت وَقَوْلُهُ مِمَّنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَنَّهُنَّ مَوَاقِيتُ لِمَنْ أَتَى عَلَيْهِمْ يُرِيدُ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً، فَمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ لاَ يُرِيدُ حَجًّا وَلاَ عُمْرَةً فَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مِنْ حَيْثُ يَبْدُو لَهُ وَكَانَ ذَلِكَ مِيقَاتَهُ كَمَا يَكُونُ مِيقَاتَ أَهْلِهِ الَّذِينَ أَنْشَئُوا مِنْهُ يُرِيدُونَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ حِينَ أَنْشَئُوا مِنْهُ، وَهَذَا مَعْنَى أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لِأَنَّ هَذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ لاَ يُرِيدُ حَجًّا وَلاَ عُمْرَةً وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً». فَهَذِهِ إنَّمَا أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ بَعْدَمَا جَاوَزَ الْمَوَاقِيتَ فَأَرَادَ وَهُوَ مِمَّنْ دُونَ الْمَوَاقِيتِ الْمَنْصُوبَةِ وَأَرَادَهُ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ الْمَوَاقِيتِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ كَانَ أَهْلُهُ دُونَ الْمَوَاقِيتِ فَمِنْ حَيْثُ يُنْشِئُ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ». فَهَذَا جُمْلَةُ الْمَوَاقِيتِ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَهَلَّ مِنْ الْفَرْعِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ مَرَّ بِمِيقَاتِهِ لَمْ يُرِدْ حَجًّا وَلاَ عُمْرَةً ثُمَّ بَدَا لَهُ مِنْ الْفَرْعِ فَأَهَلَّ مِنْهُ أَوْ جَاءَ الْفَرْعُ مِنْ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ الْإِهْلاَلُ فَأَهَلَّ مِنْهَا وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ وَهُوَ رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَوَاقِيتِ، فَلَوْ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَتَى الطَّائِفَ لِحَاجَتِهِ عَامِدًا لاَ يُرِيدُ حَجًّا وَلاَ عُمْرَةً ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا كَذَلِكَ لاَ يُرِيدُ حَجًّا وَلاَ عُمْرَةً حَتَّى قَارَبَ الْحَرَمَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَهَلَّ مِنْ مَوْضِعِهِ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا مَرَّ الْمَكِّيُّ بِمِيقَاتِ أَهْلِ مِصْرَ فَلاَ يُجَاوِزْهُ إلَّا مُحْرِمًا، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ طَاوُسٌ: فَإِنْ مَرَّ الْمَكِّيُّ عَلَى الْمَوَاقِيتِ يُرِيدُ مَكَّةَ فَلاَ يَخْلُفْهَا حَتَّى يَعْتَمِرَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} إلَى قَوْلِهِ: {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}. قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْمَثَابَةُ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ الْمَوْضِعُ يَثُوبُ النَّاسُ إلَيْهِ وَيَئُوبُونَ يَعُودُونَ إلَيْهِ بَعْدَ الذَّهَابِ مِنْهُ، وَقَدْ يُقَالُ ثَابَ إلَيْهِ اُجْتُمِعَ إلَيْهِ، فَالْمَثَابَةُ تَجْمَعُ الِاجْتِمَاعَ وَيَئُوبُونَ يَجْتَمِعُونَ إلَيْهِ رَاجِعِينَ بَعْدَ ذَهَابِهِمْ مِنْهُ وَمُبْتَدَئِينَ قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ يَذْكُرُ الْبَيْتَ. مَثَابًا لاَ فِنَاءَ الْقَبَائِلِ كُلِّهَا تَخْبُ إلَيْهِ الْيَعْمُلاَتُ الذَّوَامِلُ وَقَالَ خِدَاشُ بْنُ زُهَيْرٍ النَّصْرِيُّ: فَمَا بَرِحَتْ بَكْرٌ تَثُوبُ وَتُدْعَى وَيُلْحَقُ مِنْهُمْ أَوَّلُونَ وَآخِرُ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، آمِنًا مَنْ صَارَ إلَيْهِ لاَ يُتَخَطَّفُ اخْتِطَافَ مَنْ حَوْلَهُمْ وَقَالَ لِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهِ: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوك رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَسَمِعْت بَعْضَ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْكُرُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِهَذَا إبْرَاهِيمَ عليه السلام، وَقَفَ عَلَى الْمَقَامِ فَصَاحَ صَيْحَةً عِبَادَ اللَّهِ أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ فَاسْتَجَابَ لَهُ حَتَّى مَنْ فِي أَصْلاَبِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ، فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ بَعْدَ دَعْوَتِهِ فَهُوَ مِمَّنْ أَجَابَ دَعْوَتَهُ وَوَقَاهُ مَنْ وَافَاهُ يَقُولُونَ لَبَّيْكَ دَاعِي رَبِّنَا لَبَّيْكَ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً} الآيَةَ، فَكَانَ ذَلِكَ دَلاَلَةُ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِينَا وَفِي الْأُمَمِ، عَلَى أَنَّ النَّاسَ مَنْدُوبُونَ إلَى إتْيَانِ الْبَيْتِ بِإِحْرَامٍ، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَهِدْنَا إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} وَقَالَ: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ}. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ مِمَّا نَدَبُوا بِهِ إلَى إتْيَانِ الْحَرَمِ بِالْإِحْرَامِ قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا أَهَبَطَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ مِنْ الْجَنَّةِ طَأْطَأَهُ فَشَكَا الْوَحْشَةَ إلَى أَصْوَاتِ الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ يَا رَبِّ مَالِي لاَ أَسْمَعُ حِسَّ الْمَلاَئِكَةِ؟ فَقَالَ خَطِيئَتُك يَا آدَم وَلَكِنْ اذْهَبْ فَإِنَّ لِي بَيْتًا بِمَكَّةَ فَأْتِهِ فَافْعَلْ حَوْلَهُ نَحْوَ مَا رَأَيْتَ الْمَلاَئِكَةَ يَفْعَلُونَ حَوْلَ عَرْشِي فَأَقْبَلَ يَتَخَطَّى مَوْضِعَ كُلِّ قَدَمِ قَرْيَةٍ وَمَا بَيْنَهُمَا مَفَازَةٌ فَلَقِيَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ بِالرَّدْمِ فَقَالُوا بَرَّ حَجَّكَ يَا آدَم لَقَدْ حَجَجْنَا هَذَا الْبَيْتَ قَبْلَك بِأَلْفَيْ عَامٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: حَجَّ آدَم فَلَقِيَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ فَقَالَتْ بَرَّ نُسُكُكَ يَا آدَم لَقَدْ حَجَجْنَا قَبْلَك بِأَلْفَيْ عَامٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَ، وَرَوَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ كَانَ يَشُكُّ فِي إسْنَادِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُحْكَى أَنَّ النَّبِيِّينَ كَانُوا يَحُجُّونَ فَإِذَا أَتَوْا الْحَرَمَ مَشَوْا إعْظَامًا لَهُ وَمَشَوْا حُفَاةً، وَلَمْ يَحْكِ لَنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ النَّبِيِّينَ وَلاَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ أَنَّهُ جَاءَ أَحَدٌ الْبَيْتَ قَطُّ إلَّا حَرَامًا وَلَمْ يَدْخُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَلِمْنَاهُ إلَّا حَرَامًا إلَّا فِي حَرْبِ الْفَتْحِ فَبِهَذَا قُلْنَا إنَّ سُنَّةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي عِبَادِهِ أَنْ لاَ يَدْخُلَ الْحَرَمُ إلَّا حَرَامًا وَبِأَنَّ مَنْ سَمِعْنَاهُ مِنْ عُلَمَائِنَا قَالُوا فَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَأْتِيَ الْبَيْتَ يَأْتِيه مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. قال: وَلاَ أَحْسَبُهُمْ قَالُوهُ إلَّا بِمَا وَصَفْت وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ وَجْهَ دُخُولِ الْحَرَمِ فَقَالَ: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، إنْ شَاءَ اللَّهُ آمَنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ. قال: فَدَلَّ عَلَى وَجْهِ دُخُولِهِ لِلنُّسُكِ وَفِي الْأَمْنِ وَعَلَى رُخْصَةِ اللَّهِ فِي الْحَرْبِ وَعَفْوِهِ فِيهِ عَنْ النُّسُكِ وَأَنَّ فِيهِ دَلاَلَةً عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ يَدْخُلُ مَكَّةَ وَغَيْرَهَا مِنْ الْبُلْدَان وَذَلِكَ أَنَّ جَمِيعَ الْبُلْدَان تَسْتَوِي لِأَنَّهَا لاَ تُدْخَلُ بِإِحْرَامٍ وَإِنَّ مَكَّةَ تَنْفَرِدُ بِأَنَّ مَنْ دَخَلَهَا مُنْتَابًا لَهَا لَمْ يَدْخُلْهَا إلَّا بِإِحْرَامٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: إلَّا أَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ رَخَّصَ لِلْحَطَّابِينَ وَمِنْ مَدْخَلِهِ إيَّاهَا لِمَنَافِعِ أَهْلِهَا وَالْكَسْبِ لِنَفْسِهِ وَرَأَيْت أَحْسَنَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ هَذَا الْقَوْلُ إلَى أَنَّ انْتِيَابَ هَؤُلاَءِ مَكَّةَ انْتِيَابُ كَسْبٍ لاَ انْتِيَابُ تَبَرُّرٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ مُتَتَابِعٌ كَثِيرٌ مُتَّصِلٌ فَكَانُوا يُشْبِهُونَ الْمُقِيمِينَ فِيهَا، وَلَعَلَّ حَطَّابِيهِمْ كَانُوا مَمَالِيكَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُمْ بِالتَّشَاغُلِ بِالنُّسُكِ، فَإِذَا كَانَ فَرْضُ الْحَجِّ عَلَى الْمَمْلُوكِ سَاقِطًا سَقَطَ عَنْهُ مَا لَيْسَ بِفَرْضٍ مِنْ النُّسُكِ، فَإِنْ كَانُوا عَبِيدًا فَفِيهِمْ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي لَيْسَ فِي غَيْرِهِمْ مِثْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ الرُّخْصَةُ لَهُمْ لِمَعْنَى أَنَّ قَصْدَهُمْ فِي دُخُولِ مَكَّةَ لَيْسَ قَصْدَ النُّسُكِ وَلاَ التَّبَرُّرَ وَأَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ أَنَّ دُخُولَهُمْ شَبِيهٌ بِالدَّائِمِ فَمَنْ كَانَ هَكَذَا كَانَتْ لَهُ الرُّخْصَةُ، فَأَمَّا الْمَرْءُ يَأْتِي أَهْلَهُ بِمَكَّةَ مِنْ سَفَرٍ فَلاَ يَدْخُلُ إلَّا مُحْرِمًا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنِيِّينَ، فَأَمَّا الْبَرِيدُ يَأْتِي بِرِسَالَةٍ أَوْ زَوْرِ أَهْلِهِ وَلَيْسَ بِدَائِمِ الدُّخُولِ فَلَوْ اسْتَأْذَنَ فَدَخَلَ مُحْرِمًا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفِيهِ الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْت أَنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ عَنْهُ ذَلِكَ، وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ خَائِفًا الْحَرْبَ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْت؟ قِيلَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، فَإِنْ قَالَ وَأَيْنَ؟ قِيلَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ} فَأَذِنَ لِلْمُحْرِمِينَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَنْ يَحِلُّوا لِخَوْفِ الْحَرْبِ، فَكَانَ مَنْ لَمْ يُحْرِمْ أَوْلَى إنْ خَافَ الْحَرْبَ أَنْ لاَ يُحْرِمَ مِنْ مُحْرِمٍ يَخْرُجُ مِنْ إحْرَامِهِ، وَدَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ غَيْرَ مُحْرِمٍ لِلْحَرْبِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ عَلَيْهِ إذَا دَخَلَهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ لِعَدُوٍّ وَحَرْبٍ أَنْ يَقْضِيَ إحْرَامَهُ؟ قِيلَ: لاَ، إنَّمَا يَقْضِي مَا وَجَبَ بِكُلِّ وَجْهٍ فَاسِدٍ، أَوْ تَرَكَ فَلَمْ يُعْمَلْ، فَأَمَّا دُخُولُهُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَلَمَّا كَانَ أَصْلُهُ أَنَّ مَنْ شَاءَ لَمْ يَدْخُلْهَا إذَا قَضَى حَجَّةَ الْإِسْلاَمِ وَعُمْرَتَهُ كَانَ أَصْلُهُ غَيْرَ قَرْضٍ فَلَمَّا دَخَلَهَا مُحِلًّا فَتَرَكَهُ كَانَ تَارِكًا لِفَضْلٍ وَأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ فَرْضًا بِكُلِّ حَالٍ فَلاَ يَقْضِيهِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ إتْيَانُهَا لِحَجَّةِ الْإِسْلاَمِ أَوْ نَذْرٍ نَذَرَهُ فَتَرَكَهُ إيَّاهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَقْضِيَهُ أَوْ يُقْضَى عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ فِي بُلُوغِ الْوَقْتِ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَمْسِكَ فِيهِ عَلَى الْمَرْكَبِ، وَيَجُوزُ عِنْدِي لِمَنْ دَخَلَهَا خَائِفًا مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ أَمْرٍ لاَ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ، تَرَكَ الْإِحْرَامَ إذَا خَافَهُ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْهُ فِيهِمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَمَنْ الْمَدَنِيِّينَ مَنْ قَالَ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ دَخَلَ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَابْنُ عَبَّاسٍ يُخَالِفُهُ وَمَعَهُ مَا وَصَفْنَا وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَهَا عَامَ الْفَتْحِ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَهَا كَمَا وَصَفْنَا مُحَارِبًا، فَإِنْ قَالَ أَقِيسُ عَلَى مَدْخَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ: أَفَتَقِيسُ عَلَى إحْصَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَرْبِ؟ فَإِنْ قَالَ: لاَ، لِأَنَّ الْحَرْبَ مُخَالِفَةٌ لِغَيْرِهَا، قِيلَ: وَهَكَذَا افْعَلْ فِي الْحَرْبِ حَيْثُ كَانَتْ، لاَ تُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا فِي مَوْضِعٍ وَتَجْمَعْ بَيْنَهُمَا فِي آخَرَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ وَاحِدٌ وَمَنْ قَرَنَ أَجْزَأَتْ عَنْهُ حَجَّةُ الْإِسْلاَمِ وَعُمْرَتُهُ وَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهَا حَجَّةً فَذَلِكَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَفْتَتِحَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ فَإِذَا افْتَتَحَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ دَخَلَ فِي الْعَمَلِ الَّذِي يُخْرِجُهُ مِنْ الْإِحْرَامِ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي إحْرَامٍ وَلَمْ يَسْتَكْمِلْ الْخُرُوجَ مِنْ إحْرَامٍ قَبْلَهُ، فَلاَ يُدْخِلُ إحْرَامًا عَلَى إحْرَامٍ لَيْسَ مُقِيمًا عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِذَا أَخَذَ فِي الطَّوَافِ فَأَدْخَلَ عَلَيْهِ الْحَجَّ لَمْ يَكُنْ بِهِ مُحْرِمًا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَلاَ فِدْيَةٌ لِتَرْكِهِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ كَانَ لَهُ أَنْ يَكُونَ مُفْرِدًا بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ يُدْخِلُ عَلَيْهَا حَجًّا؟ قِيلَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إحْرَامِهَا، وَهَذَا لاَ يَجُوزُ فِي صَلاَةٍ وَلاَ صَوْمٍ وَقِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ: أَهَلَّتْ عَائِشَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَ الْقَضَاءَ، فَنَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَضَاءُ فَأَمَرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً، فَكَانَتْ مُعْتَمِرَةً بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا هَدْيٌ فَلَمَّا حَالَ الْمَحِيضُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِحْلاَلِ مِنْ عُمْرَتِهَا وَرَهِقَهَا الْحَجُّ أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُدْخِلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ فَفَعَلَتْ فَكَانَتْ قَارِنَةً، فَبِهَذَا قُلْنَا يُدْخِلُ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ مَا لَمْ يَفْتَتِحْ الطَّوَافَ وَذَكَرْت لَهُ قِرَانَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِذَا قَالَ جَائِزٌ قِيلَ أَفَيَجُوزُ هَذَا فِي صَلاَتَيْنِ أَنْ تُقْرَنَا أَوْ فِي صَوْمَيْنِ؟ فَإِنْ قَالَ: لاَ، قِيلَ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ مَا تُفَرِّقُ أَنْتَ بَيْنَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهِ عُمْرَةً فَإِنَّ أَكْثَرَ مَنْ لَقِيتُ وَحَفِظْتُ عَنْهُ يَقُولُ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ الْعُمْرَةِ مِنْ قَضَاءٍ وَلاَ فِدْيَةٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ إذَا كَانَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُمَا نُسُكَانِ يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّهُ إذَا أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا زَادَ إحْرَامًا أَكْثَرَ مِنْ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ، فَإِذَا أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ زَادَ إحْرَامًا أَقَلَّ مِنْ إحْرَامِ الْحَجِّ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ كَمَا وَصَفْت فَلَيْسَ بِفَرْقٍ يَمْنَعُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ قِيَاسًا عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ يُقَاسُ مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ، وَلاَ أَعْلَمُ حُجَّةً فِي الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا إلَّا مَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ الَّذِي أَحْفَظُ عَمَّنْ سَمِعْت عَنْهُ مِمَّنْ لَقِيت، وَقَدْ يُرْوَى عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ، وَلاَ أَدْرِي هَلْ يَثْبُتُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْءٌ أَمْ لاَ فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَلَيْسَ يَثْبُتُ، وَمَنْ رَأَى أَنْ لاَ يَكُونَ مُعْتَمِرًا فَلاَ يُجْزِي عَنْهُ مِنْ عُمْرَةِ الْإِسْلاَمِ وَلاَ هَدْيَ عَلَيْهِ وَلاَ شَيْءَ لِتَرْكِهَا وَمَنْ رَأَى لَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ رَأَى أَنْ يُجْزِي عَنْهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلاَمِ وَعُمْرَتِهِ. وَإِذَا أَهَلَّ الرَّجُلُ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ إلَى الْحَجِّ أَنْشَأَ الْحَجَّ مِنْ مَكَّةَ وَإِذَا أَهَلَّ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَرَادَ الْعُمْرَةَ أَنْشَأَ الْعُمْرَةَ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ إذَا خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ وَقَدْ أَجِدُهُمَا إذَا أَقَامَ عَامَهُمَا بِمَكَّةَ أَهَلَّ كَإِهْلاَلِ أَهْلِ الْآفَاقِ أَنْ يَرْجِعُوا إلَى مَوَاقِيتِهِمْ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ. مَا الْحُجَّةُ فِيمَا وَصَفْت؟ قِيلَ أَهَلَّ عَامَّةُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَمَرَهُمْ يُهِلُّونَ بِالْحَجِّ إذَا تَوَجَّهُوا إلَى مِنًى مِنْ مَكَّةَ فَكَانَتْ الْعُمْرَةُ إذَا حَجَّ قَبْلَهَا قِيَاسًا عَلَى هَذَا وَلَمْ أَعْلَمْ فِي هَذَا خِلاَفًا مِنْ أَحَدٍ حَفِظْت عَنْهُ مِمَّنْ لَقِيته، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ يُعْمِرُ عَائِشَةَ مِنْ التَّنْعِيمِ فَعَائِشَةُ كَانَ إحْرَامُهَا عُمْرَةً فَأَهَلَّتْ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَعُمْرَتُهَا مِنْ التَّنْعِيمِ نَافِلَةٌ، فَلَيْسَتْ فِي هَذَا حُجَّةٌ عِنْدَنَا لِمَا وَصَفْنَا. وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ فَذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ قَبْلَهَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ فَكَانَتْ عُمْرَتَهُ الْوَاجِبَةَ رَجَعَ إلَى مِيقَاتِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي رُجُوعِهِ ذَلِكَ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا جَاءَ مِيقَاتُهُ مُحْرِمًا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَهَرَاقَ دَمًا فَكَانَتْ عُمْرَتُهُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ مُجَزِّئَةً عَنْهُ. وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ مَكَّةَ فَفِيهَا قَوْلاَنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ إلَى الْحِلِّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لَمْ يَكُنْ حَلاَلاً وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ فَيُلَبِّيَ بِتِلْكَ الْعُمْرَةِ خَارِجًا مِنْ الْحَرَمِ ثُمَّ يَطُوفَ بَعْدَهَا وَيَسْعَى وَيَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، إنْ لَمْ يَكُنْ حَلَقَ، وَإِنْ كَانَ حَلَقَ أَهَرَاقَ دَمًا، وَإِنْ كَانَ أَصَابَ النِّسَاءَ فَهُوَ مُفْسِدٌ لِعُمْرَتِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُلَبِّيَ خَارِجًا مِنْ الْحَرَمِ ثُمَّ يَطُوفَ وَيَسْعَى وَيُقَصِّرَ أَوْ يَحْلِقَ وَيَنْحَرَ بَدَنَةً ثُمَّ يَقْضِيَ هَذِهِ الْعُمْرَةَ إذَا أَفْسَدَهَا بِعُمْرَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ وَإِنَّمَا خُرُوجُهُ مِنْ الْحَرَمِ لِهَذِهِ الْعُمْرَةِ الْمُفْسِدَةِ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّ هَذِهِ عُمْرَةٌ وَيُهْرِيقُ دَمًا لَهَا، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَكِنَّهُ لَوْ أَهَلَّ بِحَجٍّ مِنْ مَكَّةَ وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى مِيقَاتِهِ أَهَرَاقَ دَمًا لِتَرْكِهِ الْمِيقَاتَ وَأَجْزَأَتْ عَنْهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلاَمِ الْحَجُّ مِنْ مَكَّةَ لِأَنَّ عِمَادَ الْحَجِّ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ وَذَلِكَ عَرَفَةُ وَجَمِيعُ عَمَلِ الْعُمْرَةِ سِوَى الْوَقْتِ فِي الْحَرَمِ فَلاَ يَصْلُحُ أَنْ يَبْتَدِئَ مِنْ مَوْضِعِ مُنْتَهَى عَمَلِهَا وَعِمَادِهِ، وَأَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ مِيقَاتِهِ ثُمَّ يَرْجِعَ إلَى بَلَدِهِ أَوْ يُقِيمَ بِمَوْضِعِهِ وَإِنْ فَعَلَ فَلاَ فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَمْضِيَ لِوَجْهِهِ فَيَقْصِدَ قَصْدَ نُسُكِهِ. قَالَ وَكَذَلِكَ أَكْرَهُ لَهُ أَنْ يَسْلُكَ غَيْرَ طَرِيقَةٍ مِمَّا هُوَ أَبْعَدُ مِنْهَا لِغَيْرِ أَمْرٍ يَنُوبُهُ أَوْ رِفْقٍ بِهِ، فَإِنْ نَابَهُ أَمْرٌ أَوْ كَانَتْ طَرِيقٌ أَرْفَقَ مِنْ طَرِيقٍ فَلاَ أَكْرَهُ ذَلِكَ لَهُ وَلاَ فِدْيَةَ فِي أَنْ يَعْرُجَ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فِي سَنَةٍ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ أَوْ فِي بَلَدِهِ أَوْ فِي طَرِيقٍ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ كَانَ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَكَانَتْ هَذِهِ الْعُمْرَةُ مُجْزِئَةً عَنْهُ لِأَنَّ وَقْتَ الْعُمْرَةِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَلَيْسَتْ كَالْحَجِّ الَّذِي إذَا فَاتَ فِي عَامِهِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمُقَامُ عَلَى إحْرَامِهِ وَخَرَجَ مِنْهُ وَقَضَاهُ وَأَكْرَهُ هَذَا لَهُ لِلتَّعْزِيرِ بِإِحْرَامِهِ وَلَوْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُفِيقًا ثُمَّ ذَهَبَ عَقْلُهُ ثُمَّ طَافَ مُفِيقًا أَجْزَأَتْ عَنْهُ وَعِمَادُ الْعُمْرَةِ الْإِهْلاَلُ وَالطَّوَافُ وَلاَ يَضُرُّ الْمُعْتَمِرَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ ذَهَابِ عَقْلِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَالَ قَائِلٌ: لِمَ جَعَلْتَ عَلَى مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْحَجِّ؟ قُلْت لَهُ لَمَّا أُمِرَ فِي حَجِّهِ بِأَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا مِنْ مِيقَاتِهِ وَكَانَ فِي ذَلِكَ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ فِيمَا بَيْنَ مِيقَاتِهِ وَالْبَيْتِ مُحْرِمًا وَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ فِي ابْتِدَائِهِ الْإِحْرَامَ مِنْ أَهْلِهِ إلَى الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا قُلْت لَهُ ارْجِعْ حَتَّى تَكُونَ مُهِلًّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أُمِرْت أَنْ تَكُونَ مُهِلًّا بِهِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَإِنَّمَا قُلْنَاهُ مَعَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِمَا يُشْبِهُ مِنْ دَلاَلَةِ السُّنَّةِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَلِمَ قُلْت إنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ لِخَوْفِ فَوْتٍ وَلاَ غَيْرِ عُذْرٍ بِذَلِكَ وَلاَ غَيْرِهِ أَهَرَاقَ دَمًا عَلَيْهِ؟ قُلْت لَهُ لَمَّا جَاوَزَ مَا وَقَّتَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَرَكَ أَنْ يَأْتِيَ بِكَمَالِ مَا عَلَيْهِ أَمَرْنَاهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَدَلِ مِمَّا تَرَكَ فَإِنْ قَالَ فَكَيْفَ جَعَلْت الْبَدَلَ مِنْ تَرْكِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ فِي عَمَلٍ يُجَاوِزُهُ وَمُجَاوَزَتُهُ الشَّيْءَ لَيْسَ لَهُ ثُمَّ جَعَلْت الْبَدَلَ مِنْهُ دَمًا يُهْرِيقُهُ وَأَنْتَ إنَّمَا تَجْعَلُ الْبَدَلَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ شَيْئًا عَلَيْهِ فَتَجْعَلُ الصَّوْمَ بِالصَّوْمِ وَالصَّلاَةَ بِالصَّلاَةِ؟ قُلْت إنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلاَةَ مُخَالِفَانِ الْحَجَّ مُخْتَلِفَانِ فِي أَنْفُسِهِمَا قَالَ فَأَنَّى اخْتِلاَفُهُمَا؟ قُلْت يَفْسُدُ الْحَجُّ فَيَمْضِي فِيهِ وَيَأْتِي بِبَدَنَةِ وَالْبَدَلِ وَتَفْسُدُ الصَّلاَةُ فَيَأْتِي بِالْبَدَلِ وَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَيَفُوتُهُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَيَخْرُجُ مِنْ الْحَجِّ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَيُحْرِمُ بِالصَّلاَةِ فِي وَقْتٍ فَيَخْرُجُ الْوَقْتُ فَلاَ يَخْرُجُ مِنْهَا وَيَفُوتُهُ الْحَجُّ فَلاَ يَقْضِيه إلَّا فِي مِثْلِ يَوْمِهِ مِنْ سَنَتِهِ وَتَفُوتُهُ الصَّلاَةُ فَيَقْضِيهَا إذَا ذَكَرَهَا مِنْ سَاعَتِهِ وَيَفُوتُهُ الصَّوْمُ فَيَقْضِيه مِنْ غَدٍ وَيُفْسِدُهُ عِنْدَنَا عِنْدَك بِقَيْءٍ وَغَيْرِهِ فَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَيَعُودُ لَهُ وَيُفْسِدُهُ بِجِمَاعٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ إنْ وَجَدَهُ وَبَدَلٌ مَعَ اخْتِلاَفِهِمَا فِيمَا سِوَى مَا سَمَّيْنَا فَكَيْفَ تَجْمَعُ بَيْنَ الْمُخْتَلِفِ حَيْثُ يَخْتَلِفُ؟ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقُلْت لَهُ الْحُجَّةُ فِي هَذَا أَنَّا لَمْ نَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُهِلَّ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ مِيقَاتُهُ وَلاَ فِي أَنَّهُ إنْ تَرَكَ الْإِهْلاَلَ مِنْ مِيقَاتِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ أَجْزَأَهُ حَجُّهُ وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُهْرِيقُ دَمًا وَقَالَ أَقَلُّهُمْ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ وَحَجُّهُ مُجْزِئُ عَنْهُ وَمِنْ قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ فِيهِ أَنْ قَالُوا فِي التَّارِكِ الْبَيْتُوتَةَ بِمِنًى وَتَارِكِ مُزْدَلِفَةَ يُهْرِيقُ دَمًا، وَقُلْنَا فِي الْجِمَارِ يَدَعُهَا يُهَرِيق دَمًا فَجَعَلْنَا وَجَعَلُوا الْإِبْدَالَ فِي أَشْيَاءَ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ دَمًا. قَالَ وَإِذَا جَاوَزَ الْمَكِّيُّ مِيقَاتًا أَتَى عَلَيْهِ يُرِيدُ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً ثُمَّ أَهَلَّ دُونَهُ فَمِثْلُ غَيْرِهِ يَرْجِعُ أَوْ يُهْرِيقُ دَمًا، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ قُلْت هَذَا فِي الْمَكِّيِّ وَأَنْتَ لاَ تَجْعَلُ عَلَيْهِ دَمَ الْمُتْعَةِ؟ قِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}.
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ وَحَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَلَمَّا كُنَّا بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغُسْلِ وَالْإِحْرَامِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَسْتَحِبُّ الْغُسْلَ عِنْدَ الْإِهْلاَلِ لِلرَّجُلِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَكُلِّ مَنْ أَرَادَ الْإِهْلاَلَ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ وَمَعْقُولٌ أَنَّهُ يَجِبُ إذَا دَخَلَ الْمَرْءُ فِي نُسُكٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَنْ يَدْخُلَهُ إلَّا بِأَكْمَلِ الطَّهَارَةِ وَأَنْ يَتَنَظَّفَ لَهُ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ إحْدَاثِ الطِّيبِ فِي الْإِحْرَامِ وَإِذَا اخْتَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةٍ وَهِيَ نُفَسَاءُ لاَ يُطَهِّرُهَا الْغُسْلُ لِلصَّلاَةِ فَاخْتَارَ لَهَا الْغُسْلَ كَانَ مَنْ يُطَهِّرُهُ الْغُسْلُ لِلصَّلاَةِ أَوْلَى أَنْ يَخْتَارَ لَهُ أَوْ فِي مِثْلِ مَعْنَاهُ أَوْ أَكْثَر مِنْهُ وَإِذْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءَ أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ وَهِيَ فِي الْحَالِ الَّتِي أَمَرَهَا أَنْ تُهِلَّ فِيهَا مِمَّنْ لاَ تَحِلُّ لَهُ الصَّلاَةُ فَلَوْ أَحْرَمَ مَنْ لَمْ يَغْتَسِلْ مِنْ جُنُبٍ أَوْ غَيْرُ مُتَوَضِّئٍ أَوْ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءِ أَجْزَأَ عَنْهُ الْإِحْرَامُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَدْخُلُ فِي الْإِحْرَامِ وَالدَّاخِلُ فِيهِ مِمَّنْ لاَ تَحِلُّ لَهُ الصَّلاَةُ لِأَنَّهُ غَيْرُ طَاهِرٍ جَازَ أَنْ يُدْخِلَ فِيهِ كُلَّ مَنْ لاَ تَحِلُّ لَهُ الصَّلاَةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي وَقْتِهِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ وَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ فِيهِ فِدْيَةٌ وَإِنْ كُنْت أَكْرَهُ ذَلِكَ لَهُ، وَأَخْتَارُ لَهُ الْغُسْلَ وَمَا تَرَكْت الْغُسْلَ لِلْإِهْلاَلِ وَلَقَدْ كُنْت أَغْتَسِلُ لَهُ مَرِيضًا فِي السَّفَرِ وَإِنِّي أَخَافُ ضَرَرَ الْمَاءِ وَمَا صَحِبْت أَحَدًا أَقْتَدِي بِهِ فَرَأَيْته تَرَكَهُ وَلاَ رَأَيْت مِنْهُمْ أَحَدًا عَدَا بِهِ أَنْ رَآهُ اخْتِيَارًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا كَانَتْ النُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ مِنْ أَهْلِ أُفُقٍ فَخَرَجَتَا طَاهِرَتَيْنِ فَحَدَثَ لَهُمَا نِفَاسٌ أَوْ حَيْضٌ أَوْ كَانَتَا نَفْسَاوَيْنِ أَوْ حَائِضَيْنِ بِمِصْرِهِمَا فَجَاءَ وَقْتُ حَجِّهِمَا فَلاَ بَأْسَ أَنْ تَخْرُجَا مُحْرِمَتَيْنِ بِتِلْكَ الْحَالِ وَإِنْ قَدَرَتَا إذَا جَاءَتَا مِيقَاتَهُمَا أَنْ تَغْتَسِلاَ فَعَلَتَا، وَإِنْ لَمْ تَقْدِرَا وَلاَ الرَّجُلُ عَلَى مَاءٍ أَحْبَبْت لَهُمْ أَنْ يَتَيَمَّمُوا مَعًا ثُمَّ يُهِلُّوا بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ، وَلاَ أُحِبُّ لِلنُّفَسَاءِ وَالْحَائِضِ أَنْ تُقَدِّمَا إحْرَامَهُمَا قَبْلَ مِيقَاتِهِمَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ بَلَدُهُمَا قَرِيبًا آمِنًا وَعَلَيْهِمَا مِنْ الزَّمَانِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ طَهُورُهُمَا وَإِدْرَاكُهُمَا الْحَجَّ بِلاَ مُفَاوَتَةٍ وَلاَ عِلَّةٍ أَحْبَبْت اسْتِئْخَارَهُمَا لِتُطَهِّرَهَا فَتُهِلَّا طَاهِرَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتَا مِنْ دُونِ الْمَوَاقِيتِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْمَوَاقِيتِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتَا مُقِيمَتَيْنِ بِمَكَّةَ لَمْ تَدْخُلاَهَا مُحْرِمَتَيْنِ فَأَمَرَتْهُمَا بِالْخُرُوجِ إلَى مِيقَاتِهِمَا بِحَجٍّ أَحْبَبْت إذَا كَانَ عَلَيْهِمَا وَقْتٌ أَنْ لاَ تَخْرُجَا إلَّا طَاهِرَتَيْنِ أَوْ قُرْبٍ تَطَهُّرِهِمَا لِتُهِلَّا مِنْ الْمِيقَاتِ طَاهِرَتَيْنِ، وَلَوْ أَقَامَتَا بِالْمِيقَاتِ حَتَّى تَطْهُرَا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ وَكَذَلِكَ إنْ أَمَرَتْهُمَا بِالْخُرُوجِ لِعُمْرَةٍ قَبْلَ الْحَجِّ وَعَلَيْهِمَا مَا لاَ يَفُوتُهُمَا مَعَهُ الْحَجُّ أَوْ مِنْ أَهْلِهَا أَحْبَبْت لَهُمَا أَنْ تُهِلَّا طَاهِرَتَيْنِ وَإِنْ أَهَلَّتَا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ كُلِّهَا مُبْتَدِئَتَيْ وَغَيْرَ مُبْتَدِئَتَيْ سَفَرٍ غَيْرَ طَاهِرَتَيْنِ أَجْزَأَ عَنْهُمَا وَلاَ فِدْيَةَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَكُلُّ مَا عَمِلَتْهُ الْحَائِضُ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ عَمِلَهُ الرَّجُلُ جُنُبًا وَعَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَالِاخْتِيَارُ لَهُ أَنْ لاَ يَعْمَلَهُ كُلَّهُ إلَّا طَاهِرًا وَكُلُّ عَمَلِ الْحَجِّ تَعْمَلُهُ الْحَائِضُ وَغَيْرُ الطَّاهِرِ مِنْ الرِّجَالِ إلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَالصَّلاَةَ فَقَطْ.
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالْأَبْوَاءِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ لاَ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، فَأَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَسْأَلُهُ فَوَجَدْته يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ يَسْتَتِرُ بِثَوْبٍ قَالَ فَسَلَّمْت فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْت أَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَرْسَلَنِي إلَيْك ابْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُك: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ قَالَ: فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَيْهِ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ ثُمَّ قَالَ لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ: اُصْبُبْ فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَغْتَسِلُ إلَى بَعِيرٍ وَأَنَا أَسْتُرُ عَلَيْهِ بِثَوْبٍ إذْ قَالَ عُمَرُ يَا يَعْلَى اُصْبُبْ عَلَى رَأْسِي؟ فَقُلْت: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَاَللَّهِ لاَ يَزِيدُ الْمَاءُ الشَّعْرَ إلَّا شُعْثًا فَسَمَّى اللَّهَ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا تَمَاقَلُوا بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه وَهُوَ بِسَاحِلٍ مِنْ السَّوَاحِلِ وَعُمَرُ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِمْ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رُبَّمَا قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ تَعَالَ أُبَاقِيَك فِي الْمَاءِ أَيُّنَا أَطْوَلُ نَفَسًا وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ الْجُنُبُ الْمُحْرِمُ وَغَيْرُ الْمُحْرِمِ إذَا اغْتَسَلَ دَلَّكَ جِلْدَهُ إنْ شَاءَ وَلَمْ يُدَلِّكْ رَأْسَهُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقُلْت لَهُ لِمَ يُدَلِّكْ جِلْدَهُ إنْ شَاءَ وَلاَ يُدَلِّكُ رَأْسَهُ؟ قَالَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَبْدُو لَهُ مِنْ جِلْدِهِ مَا لاَ يَبْدُو لَهُ مِنْ رَأْسِهِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: تَمَاقَلَ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ وَهُمَا مُحْرِمَانِ وَعُمَرُ يَنْظُرُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ فَيَغْتَسِلُ الْمُحْرِمُ مِنْ غَيْرِ جَنَابَةٍ وَلاَ ضَرُورَةٍ وَيَغْسِلُ رَأْسَهُ وَيُدَلِّكُ جَسَدَهُ بِالْمَاءِ وَمَا تَغَيَّرَ مِنْ جَمِيعِ جَسَدِهِ لِيُنَقِّيَهُ وَيُذْهِبَ تَغَيُّرَهُ بِالْمَاءِ وَإِذَا غَسَلَ رَأْسَهُ أَفْرَغَ عَلَيْهِ الْمَاءَ إفْرَاغًا، وَأَحَبُّ إلَيَّ هَوْيُهُ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ مِنْ جَنَابَةٍ أَنْ لاَ يُحَرِّكُهُ بِيَدَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ رَجَوْت أَنْ لاَ يَكُونَ فِي ذَلِكَ ضِيقٌ وَإِذَا غَسَلَهُ مِنْ جَنَابَةٍ أَحْبَبْت أَنْ يَغْسِلَهُ بِبُطُونِ أَنَامِلِهِ وَيَدَيْهِ وَيُزَايِلُ شَعْرَهُ مُزَايَلَةً رَفِيقَةً وَيُشْرِبُ الْمَاءَ أُصُولَ شَعْرِهِ وَلاَ يَحُكَّهُ بِأَظْفَارِهِ وَيَتَوَقَّى أَنْ يَقْطَعَ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ حَرَّكَهُ تَحْرِيكًا خَفِيفًا أَوْ شَدِيدًا، فَخَرَجَ فِي يَدَيْهِ مِنْ الشَّعْرِ شَيْءٌ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَفْدِيَهُ وَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْدِيَهُ يَسْتَيْقِنُ أَنَّهُ قَطَعَهُ أَوْ نَتَفَهُ بِفِعْلِهِ وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي لِحْيَتِهِ لِأَنَّ الشَّعْرَ قَدْ يُنْتَتَفُ وَيَتَعَلَّقُ بَيْنَ الشَّعْرِ فَإِذَا مَسَّ أَوْ حَرَّكَ خَرَجَ الْمُنْتَتَفُ مِنْهُ وَلاَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِسِدْرٍ وَلاَ خِطْمِيٍّ لِأَنَّ ذَلِكَ يُرَجِّلُهُ فَإِنْ فَعَلَ أَحْبَبْت لَوْ افْتَدَى وَلاَ أَعْلَمُ ذَلِكَ وَاجِبًا وَلاَ يُغَطِّسُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ إذَا كَانَ قَدْ لَبَّدَهُ مِرَارًا لِيَلِينَ عَلَيْهِ وَيُدَلِّكُ الْمُحْرِمُ جَسَدَهُ دَلْكًا شَدِيدًا إنْ شَاءَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي بَدَنِهِ مِنْ الشَّعْرِ مَا يَتَوَقَّى كَمَا يَتَوَفَّاهُ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَإِنْ قَطَعَ مِنْ الشَّعْرِ شَيْئًا مِنْ دَلْكِهِ إيَّاهُ فَدَاهُ.
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ أَكْرَهُ دُخُولَ الْحَمَّامِ لِلْمُحْرِمِ لِأَنَّهُ غُسْلٌ، وَالْغُسْلُ مُبَاحٌ لِمَعْنَيَيْنِ لِلطَّهَارَةِ وَالتَّنْظِيفِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْحَمَّامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَيُدَلِّكُ الْوَسَخَ عَنْهُ فِي حَمَّامٍ كَانَ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ فِي الْوَسَخِ نُسُكٌ وَلاَ أَمْرٌ نُهِيَ عَنْهُ وَلاَ أَكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُدْخِلَ رَأْسَهُ فِي مَاءٍ سُخْنٍ وَلاَ بَارِدٍ جَارٍ وَلاَ نَافِعٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَسْتَحِبُّ الْغُسْلَ لِلدُّخُولِ فِي الْإِهْلاَلِ وَلِدُخُولِ مَكَّةَ وَلِلْوُقُوفِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَلِلْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ وَلِرَمْيِ الْجِمَارِ سِوَى يَوْمِ النَّحْرِ وَأَسْتَحِبُّ الْغُسْلَ بَيْنَ هَذَا عِنْدَ تَغَيُّرِ الْبَدَنِ بِالْعَرَقِ وَغَيْرِهِ تَنْظِيفًا لِلْبَدَنِ، وَكَذَلِكَ أُحِبُّهُ لِلْحَائِضِ، وَلَيْسَ مِنْ هَذَا وَاحِدٌ وَاجِبٌ، وَرَوَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاتَ بِذِي طُوًى حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ اغْتَسَلَ بِهَا وَدَخَلَ مَكَّةَ. وَرَوَى عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ وَرَوَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه كَانَ يَغْتَسِلُ بِمَنْزِلِهِ بِمَكَّةَ حِينَ يَقْدَمُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، وَرَوَى عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ أُمِّ ذَرَّةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَتْ تَغْتَسِلُ بِذِي طُوًى حِينَ تَقْدَمُ مَكَّةَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ حَتَّى يَغْتَسِلَ وَيَأْمُرَ مَنْ مَعَهُ فَيَغْتَسِلُوا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ سَمِعْت أَبَا الشَّعْثَاءِ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ: «إذَا لَمْ يَجِدْ الْمُحْرِمُ نَعْلَيْنِ لَبِسَ خُفَّيْنِ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ إزَارًا لَبِسَ سَرَاوِيلَ». أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلاَ الْعِمَامَةَ وَلاَ الْبُرْنُسَ وَلاَ السَّرَاوِيلَ وَلاَ الْخُفَّيْنِ إلَّا لِمَنْ لاَ يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ». أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَلاَ الْعَمَائِمَ وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ وَلاَ الْبَرَانِسَ وَلاَ الْخِفَافَ إلَّا أَحَدٌ لاَ يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَيَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ». أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ، وَقَالَ: «مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: اسْتَثْنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ أَنْ يَلْبَسَ خُفَّيْنِ وَيَقْطَعَهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا لَبِسَ سَرَاوِيلَ فَهُمَا سَوَاءٌ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَقْطَعُ مِنْ السَّرَاوِيلِ شَيْئًا، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَطْعِهِ، وَأَيَّهُمَا لَبِسَ ثُمَّ وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ نَعْلَيْنِ، لَبِسَ النَّعْلَيْنِ وَأَلْقَى الْخُفَّيْنِ، وَإِنْ وَجَدَ بَعْدَ أَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ إزَارًا لَبِسَ الْإِزَارَ وَأَلْقَى السَّرَاوِيلَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ افْتَدَى. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَاتِ الْمُشْبَعَاتِ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ لَيْسَ فِيهَا زَعْفَرَانٌ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: أَبْصَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ثَوْبَيْنِ مُضَرَّجَيْنِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الثِّيَابُ؟ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: مَا أَخَالُ أَحَدًا يُعَلِّمُنَا السُّنَّةَ، فَسَكَتَ عُمَرُ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: لاَ تَلْبَسُ الْمَرْأَةُ ثِيَابَ الطِّيبِ وَتَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَةَ، وَلاَ أَرَى الْمُعَصْفَرَ طِيبًا. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي النِّسَاءَ إذَا أَحْرَمْنَ أَنْ يَقْطَعْنَ الْخُفَّيْنِ حَتَّى أَخْبَرَتْهُ صَفِيَّةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُفْتِي النِّسَاءَ أَنْ لاَ يَقْطَعْنَ، فَانْتَهَى عَنْهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: لاَ تَقْطَعُ الْمَرْأَةُ الْخُفَّيْنِ، وَالْمَرْأَةُ تَلْبَسُ السَّرَاوِيلَ وَالْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارَ وَالدِّرْعَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ كَضَرُورَةِ الرَّجُلِ، وَلَيْسَتْ فِي هَذَا كَالرَّجُلِ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: فِي كِتَابِ عَلِيٍّ رضي الله عنه مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ وَوَجَدَ خُفَّيْنِ فَلْيَلْبَسْهُمَا قُلْت: أَتَتَيَقَّنُ بِأَنَّهُ كِتَابُ عَلِيٍّ؟ قَالَ: مَا أَشُكُّ أَنَّهُ كِتَابُهُ؟ قَالَ: وَلَيْسَ فِيهِ فَلْيَقْطَعْهُمَا. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إزَارٌ وَلَهُ تُبَّانٌ أَوْ سَرَاوِيلُ فَلْيَلْبَسْهُمَا، قَالَ سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ: لاَ يُقْطَعُ الْخُفَّانِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَرَى أَنْ يُقْطَعَا، لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكِلاَهُمَا صَادِقٌ حَافِظٌ، وَلَيْسَ زِيَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ شَيْئًا لَمْ يُؤَدِّهِ الْآخَرُ، إمَّا عَزَبَ عَنْهُ وَإِمَّا شَكَّ فِيهِ فَلَمْ يُؤَدِّهِ، وَإِمَّا سَكَتَ عَنْهُ وَإِمَّا أَدَّاهُ فَلَمْ يُؤَدِّ عَنْهُ لِبَعْضِ هَذِهِ الْمَعَانِي اخْتِلاَفًا، وَبِهَذَا كُلِّهِ نَقُولُ إلَّا مَا بَيَّنَّا أَنَّا نَدَعُهُ، وَالسُّنَّةُ، ثُمَّ أَقَاوِيلُ أَكْثَرِ مَنْ حَفِظْت عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ الْمُحْرِمَيْنِ يَجْتَمِعَانِ فِي اللُّبْسِ وَيَفْتَرِقَانِ. فَأَمَّا مَا يَجْتَمِعَانِ فِيهِ فَلاَ يَلْبَسُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ وَلاَ وَرْسٍ، وَإِذَا لَمْ يَلْبَسْ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ وَلاَ وَرْسٍ لِأَنَّهُمَا طِيبٌ، فَصَبْغُ الثَّوْبِ بِمَاءِ الْوَرْدِ أَوْ الْمِسْكِ أَوْ الْعَنْبَرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الطِّيبِ الَّذِي هُوَ أَطْيَبُ مِنْ الْوَرْسِ أَوْ مِثْلِهِ، أَوْ مَا يُعَدُّ طِيبًا كَانَ أَوْلَى أَنْ لاَ يَلْبَسَانِهِ، كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ لَوْنٌ فِي الثَّوْبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ، إذَا كَانَتْ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ تُوجَدُ وَالثَّوْبُ جَافٌّ أَوْ رَطْبٌ، وَلَوْ أَخَذَ مَاءَ وَرْدٍ فَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا فَكَانَ رَائِحَتُهُ تُوجَدُ مِنْهُ وَالثَّوْبُ جَافٌّ أَوْ مَبْلُولٌ لِأَنَّهُ أَثَرٌ طَيِّبٌ فِي الثَّوْبِ لَمْ يَلْبَسْهُ الْمُحْرِمَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ صَعِدَ لَهُ زَعْفَرَانٌ حَتَّى يَبْيَضَّ لَمْ يَلْبَسْهُ الْمُحْرِمَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ غُمِسَ فِي نُضُوحٍ أَوْ ضِيَاعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ عَصَرَ لَهُ الرَّيْحَانَ الْعَرَبِيَّ أَوْ الْفَارِسِيَّ أَوْ شَيْئًا مِنْ الرَّيَاحِينِ الَّتِي كُرِهَ لِلْمُحْرِمِ شَمُّهَا فَغَمَسَ فِي مَائِهِ لَمْ يَلْبَسْهُ الْمُحْرِمَانِ، وَجِمَاعُ هَذَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى كُلِّ مَا كَانَ طِيبًا لاَ يَشُمُّهُ الْمُحْرِمُ فَإِذَا اُسْتُخْرِجَ مَاؤُهُ بِأَيِّ وَجْهٍ اُسْتُخْرِجَ نِيئًا كَانَ أَوْ مَطْبُوخًا ثُمَّ غُمِسَ فِيهِ الثَّوْبُ فَلاَ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ وَلاَ لِلْمُحْرِمَةِ لُبْسُهُ وَمَا كَانَ مِمَّا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ شَمَّهُ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ الَّذِي لاَ يُعَدُّ طِيبًا وَلاَ رَيْحَانًا مِثْلَ الْإِذْخِرِ وَالضُّرُوِّ وَالشِّيحِ وَالْقَيْصُومِ وَالْبَشَامِ وَمَا أَشْبَهَهُ، أَوْ مَا كَانَ مِنْ النَّبَاتِ الْمَأْكُولِ الطَّيِّبِ الرِّيحِ مِثْلَ الْأُتْرُجِّ وَالسَّفَرْجَلِ وَالتُّفَّاحِ فَعُصِرَ مَاؤُهُ خَالِصًا فَغَمَسَ فِيهِ الثَّوْبَ فَلَوْ تَوَقَّاهُ الْمُحْرِمَانِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ وَإِنْ لَبِسَاهُ فَلاَ فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا وَيَجْتَمِعَانِ فِي أَنْ لاَ يَتَبَرْقَعَانِ وَلاَ يَلْبَسَانِ الْقُفَّازَيْنِ وَيَلْبَسَانِ مَعًا الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ بِالْعُصْفُرِ مُشْبَعًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُشْبَعٍ، وَفِي هَذَا دَلاَلَةٌ عَلَى أَنْ لَمْ يُمْنَعْ لُبْسُ الْمَصْبُوغِ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ لِلَوْنِهِ وَأَنَّ اللَّوْنَ إذَا لَمْ يَكُنْ طِيبًا لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا وَلَكِنْ إنَّمَا نَهَى عَمَّا كَانَ طِيبًا وَالْعُصْفُرُ لَيْسَ بِطِيبٍ، وَاَلَّذِي أُحِبُّ لَهُمَا مَعًا أَنْ يَلْبَسَا الْبَيَاضَ وَأَكْرَهُ لَهُمَا كُلَّ شُهْرَةٍ مِنْ عُصْفُرٍ وَسَوَادٍ وَغَيْرِهِ، وَلاَ فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا إنْ لَبِسَا غَيْرَ الْمُطَيَّبِ وَيَلْبَسَانِ الْمُمَشَّقَ وَكُلَّ صِبَاغٍ بِغَيْرِ طِيبٍ وَلَوْ تَرَكَا ذَلِكَ وَلَبِسَا الْبَيَاضَ كَانَ أَحَبُّ إلَيَّ الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ وَلاَ يُقْتَدَى بِهِ، أَمَّا الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ فَلِمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَرَاهُ الْجَاهِلُ فَيَذْهَبُ إلَى أَنَّ الصَّبْغَ وَاحِدٌ فَيَلْبَسُ الْمَصْبُوغَ بِالطِّيبِ. وَأَمَّا الَّذِي لاَ يُقْتَدَى بِهِ فَأَخَافُ أَنْ يُسَاءَ الظَّنُّ بِهِ حِينَ يَتْرُكُ مُسْتَحَقًّا بِإِحْرَامِهِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ كَمَا وَصَفْت فَالْمُقْتَدَى بِهِ وَغَيْرُ الْمُقْتَدَى بِهِ يَجْتَمِعَانِ، فَيَتْرُكُ الْعَالِمُ عِنْدَ مَنْ جَهِلَ الْعِلْمَ مُسْتَحَقًّا بِإِحْرَامِهِ، وَإِذَا رَأَى الْجَاهِلَ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ الْعَالِمُ رَأَى مَنْ يَجْهَلُ أَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ الْجَاهِلُ إلَّا وَهَذَا جَائِزٌ عِنْدَ الْعَالَمِ فَيَقُولُ الْجَاهِلُ: قَدْ رَأَيْت فُلاَنًا الْعَالِمَ رَأَى مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا وَصَحِبَهُ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، ثُمَّ تُفَارِقُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ فَيَكُونُ لَهَا لُبْسُ الْخُفَّيْنِ وَلاَ تَقْطَعْهُمَا وَتَلْبَسُهُمَا وَهِيَ تَجِدُ نَعْلَيْنِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ لَهَا لُبْسُ الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ وَالسَّرَاوِيلِ، وَلَيْسَ الْخُفَّانِ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا وَلاَ أُحِبُّ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ نَعْلَيْنِ وَتُفَارِقُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ فَيَكُونُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا وَإِحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ فَيَكُونُ لِلرَّجُلِ تَغْطِيَةُ وَجْهِهِ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ وَيَكُونُ لِلْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ بَارِزَةً تُرِيدُ السِّتْرَ مِنْ النَّاسِ أَنْ تُرْخِيَ جِلْبَابَهَا أَوْ بَعْضَ خِمَارِهَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ ثِيَابِهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا وَتُجَافِيهِ عَنْ وَجْهِهَا حَتَّى تُغَطِّيَ وَجْهَهَا مُتَجَافِيًا كَالسَّتْرِ عَلَى وَجْهِهَا وَلاَ يَكُونُ لَهَا أَنْ تَنْتَقِبَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تُدْلِي عَلَيْهَا مِنْ جِلْبَابِهَا وَلاَ تَضْرِبُ بِهِ، قُلْت وَمَا لاَ تَضْرِبُ بِهِ؟ فَأَشَارَ إلَيَّ كَمَا تُجَلْبِبُ الْمَرْأَةُ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى مَا عَلَى خَدِّهَا مِنْ الْجِلْبَابِ فَقَالَ لاَ تُغَطِّيهِ فَتَضْرِبُ بِهِ عَلَى وَجْهِهَا فَذَلِكَ الَّذِي يَبْقَى عَلَيْهَا وَلَكِنْ تَسْدُلُهُ عَلَى وَجْهِهَا كَمَا هُوَ مَسْدُولاً، وَلاَ تُقَلِّبُهُ وَلاَ تَضْرِبُ بِهِ وَلاَ تَعْطِفُهُ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ، لِتُدْلِ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ ثَوْبَهَا عَلَى وَجْهِهَا وَلاَ تَنْتَقِبُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ تَرْفَعُ الثَّوْبَ مِنْ أَسْفَلَ إلَى فَوْقٍ وَلاَ تُغَطِّي جَبْهَتَهَا وَلاَ شَيْئًا مِنْ وَجْهِهَا إلَّا مَا لاَ يَسْتَمْسِكُ الْخِمَارُ إلَّا عَلَيْهِ مِمَّا يَلِي قِصَاصَ شَعْرِهَا مِنْ وَجْهِهَا مِمَّا يُثَبِّتُ الْخِمَارَ وَيَسْتُرُ الشَّعْرَ لِأَنَّ الْخِمَارَ لَوْ وُضِعَ عَلَى قِصَاصِ الشَّعْرِ فَقَطْ انْكَشَفَ الشَّعْرُ وَيَكُونُ لَهَا الِاخْتِمَارُ وَلاَ يَكُونُ لِلرَّجُلِ التَّعَمُّمُ وَلاَ يَكُونُ لَهُ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ إلَّا أَنْ لاَ يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَيَلْبَسُهُمَا وَيَقْطَعُهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلاَ يَكُونُ لَهُ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ إلَّا أَنْ لاَ يَجِدَ إزَارًا فَيَلْبَسُهُ وَلاَ يَقْطَعُ مِنْهُ شَيْئًا وَيَكُونُ ذَلِكَ لَهَا وَيَلْبَسَانِ رَقِيقَ الْوَشْيِ وَالْعَصْبَ وَدَقِيقَ الْقُطْنِ وَغَلِيظَهُ وَالْمَصْبُوغَ كُلَّهُ بِالْمَدَرِ لِأَنَّ الْمَدَرَ لَيْسَ بِطِيبٍ وَالْمَصْبُوغَ بِالسِّدْرِ وَكُلَّ صَبْغٍ عَدَا الطِّيبِ. وَإِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ طِيبٌ فَبَقِيَ رِيحُهُ فِيهِ لَمْ يَلْبَسَاهُ وَكَانَ كَالصَّبْغِ وَلَوْ صُبِغَ ثَوْبٌ بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ فَذَهَبَ رِيحُ الزَّعْفَرَانِ أَوْ الْوَرْسِ مِنْ الثَّوْبِ لِطُولِ لُبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَانَ إذَا أَصَابَ وَاحِدًا مِنْهُمَا الْمَاءُ حَرَّكَ رِيحَهُ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ لَمْ يَلْبَسْهُ الْمُحْرِمُ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ إذَا أَصَابَهُمَا لَمْ يُحَرِّكْ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَلَوْ غُسِلاَ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ وَأَحْسَنَ وَأَحْرَى أَنْ لاَ يَبْقَى فِي النَّفْسِ مِنْهُمَا شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يُغْسَلاَ رَجَوْت أَنْ يَسَعَ لُبْسُهُمَا إذَا كَانَا هَكَذَا لِأَنَّ الصِّبَاغَ لَيْسَ بِنَجَسٍ وَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِالْغُسْلِ ذَهَابَ الرِّيحِ فَإِنْ ذَهَبَ الرِّيحُ بِغَيْرِ غُسْلٍ رَجَوْت أَنْ يُجْزِئَ وَلَوْ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ لاَ يَلْبَسَ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ الْوَرْسُ بِحَالٍ كَانَ إنْ مَسَّهُ ثُمَّ ذَهَبَ لَمْ يَجُزْ لُبْسُهُ بَعْدَ غَسَلاَتٍ وَلَكِنَّهُ إنَّمَا أُمِرَ أَنْ لاَ يَلْبَسَهُ إذَا كَانَ الزَّعْفَرَانُ وَالْوَرْسُ مَوْجُودًا فِي ذَلِكَ الْحِينِ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَا قُلْت مَوْجُودٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ صُبِغَ ثَوْبٌ بَعْدَ الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ بِسِدْرٍ أَوْ سَوَادٍ فَكَانَا إذَا مَسَّهُمَا الْمَاءُ لَمْ يَظْهَرْ لِلزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ رِيحٌ كَانَ لَهُ لُبْسُهُمَا وَلَوْ كَانَ الزَّعْفَرَانُ وَالْوَرْسُ إذَا مَسَّهُمَا الْمَاءُ يَظْهَرُ لَهُمَا شَيْءٌ مِنْ رِيحِ الزَّعْفَرَانِ أَوْ الْوَرْسِ لَمْ يَلْبَسْهُمَا وَلَوْ مَسَّ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ بَعْضَ الثَّوْبِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُهُ حَتَّى يُغْسَلَ وَيَعْقِدَ الْمُحْرِمُ عَلَيْهِ إزَارَهُ لِأَنَّهُ مِنْ صَلاَحِ الْإِزَارِ، وَالْإِزَارُ مَا كَانَ مَعْقُودًا وَلاَ يَأْتَزِرُ ذَيْلَيْنِ ثُمَّ يَعْقِدُ الذَّيْلَيْنِ مِنْ وَرَائِهِ وَلاَ يَعْقِدُ رِدَاءَهُ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يَغْرِزُ طَرَفَيْ رِدَائِهِ إنْ شَاءَ فِي إزَارِهِ أَوْ فِي سَرَاوِيلِهِ إذَا كَانَ الرِّدَاءُ مَنْشُورًا فَإِنْ لَبِسَ شَيْئًا مِمَّا قُلْت لَيْسَ لَهُ لُبْسُهُ ذَاكِرًا عَالِمًا أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ، افْتَدَى وَقَلِيلُ لُبْسِهِ لَهُ وَكَثِيرُهُ سَوَاءٌ. فَإِنْ قَنَعَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ ذَاكِرًا عَالِمًا أَوْ انْتَقَبَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ لَبِسَتْ مَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تَلْبَسَهُ فَعَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ وَلاَ يَعْصِبُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ مِنْ عِلَّةٍ وَلاَ غَيْرِهَا فَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِبَاسًا. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُحْرِمِ يَلْوِي الثَّوْبَ عَلَى بَطْنِهِ مِنْ ضَرُورَةٍ أَوْ مِنْ بَرْدٍ قَالَ: إذَا لَوَاهُ مِنْ ضَرُورَةٍ فَلاَ فِدْيَةَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ يَسْعَى بِالْبَيْتِ وَقَدْ حَزَمَ عَلَى بَطْنِهِ بِثَوْبٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ عَقَدَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ إنَّمَا غَرَزَ طَرَفَيْهِ عَلَى إزَارِهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ وَأَنَا مَعَهُ قَالَ أُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْ ثَوْبِي مِنْ وَرَائِي ثُمَّ أَعْقِدُهُ وَأَنَا مُحْرِمٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ تَعْقِدُ شَيْئًا أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَرِهَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَوَشَّحَ بِالثَّوْبِ ثُمَّ يَعْقِدُ طَرَفَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ مِنْ ضَرُورَةٍ لَمْ يَفْتَدِ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً مُحْتَزِمًا بِحَبْلٍ أَبْرَقَ فَقَالَ: «انْزِعْ الْحَبْلَ». مَرَّتَيْنِ. أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ فِي الْمُحْرِمِ: يَجْعَلُ الْمِكْتَلَ عَلَى رَأْسِهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ وَسَأَلْته عَنْ الْعِصَابَةِ يَعْصِبُ بِهَا الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ؟ فَقَالَ: لاَ الْعِصَابَةُ تَكْفِتُ شَعْرًا كَثِيرًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَرْتَدِيَ الْمُحْرِمُ وَيَطْرَحَ عَلَيْهِ الْقَمِيصَ وَالسَّرَاوِيلَ وَالْفَرْوَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَلْبَسْهُ لِبَاسًا وَهُوَ كَالرِّدَاءِ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَغْسِلَ الْمُحْرِمُ ثِيَابَهُ وَثِيَابَ غَيْرِهِ وَيَلْبَسَ غَيْرَ مَا أَحْرَمَ فِيهِ مِنْ الثِّيَابِ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الثِّيَابِ الْمَنْهِيُّ عَنْ لُبْسِهَا، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ وَلْيَلْبَسْ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ مَا لَمْ يُهِلَّ فِيهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بِالْمُمَشَّقِ لِلْمُحْرِمِ بَأْسًا أَنْ يَلْبَسَهُ وَقَالَ: إنَّمَا هُوَ مَدَرَةٌ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ الرَّبِيعُ أَظُنُّهُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ سَاجًا مَا لَمْ يَزُرَّهُ عَلَيْهِ فَإِنْ زَرَّهُ عَلَيْهِ عَمْدًا افْتَدَى كَمَا يَفْتَدِي إذَا تَقَمَّصَ عَمْدًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بِلُبْسِ الْعُصْفُرِ وَالزَّعْفَرَانِ لِلْمُحْرِمِ بَأْسًا مَا لَمْ يَجِدْ رِيحَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَمَّا الْعُصْفُرُ فَلاَ بَأْسَ بِهِ وَأَمَّا الزَّعْفَرَانُ فَإِذَا كَانَ إذَا مَسَّهُ الْمَاءُ ظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ فَلاَ يَلْبَسُهُ الْمُحْرِمُ وَإِنْ لَبِسَهُ افْتَدَى، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ إذْ جَاءَتْهَا امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ يُقَالُ لَهَا تَمْلِكُ فَقَالَتْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ ابْنَتِي فُلاَنَةَ حَلَفَتْ أَنَّهَا لاَ تَلْبَسُ حُلِيَّهَا فِي الْمَوْسِمِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ قُولِي لَهَا إنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تُقْسِمُ عَلَيْك إلَّا لَبِسْت حُلِيَّك كُلَّهُ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالاَ: مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَمْسَحَ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِشَيْءٍ مِنْ الْحِنَّاءِ وَلاَ تُحْرِمُ وَهِيَ عَفَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَذَلِكَ أُحِبُّ لَهَا. قَالَ إنْ اخْتَضَبَتْ الْمُحْرِمَةُ وَلَفَّتْ عَلَى يَدَيْهَا رَأَيْت أَنْ تَفْتَدِيَ وَأَمَّا لَوْ مَسَحَتْ يَدَيْهَا بِالْحِنَّاءِ فَإِنِّي لاَ أَرَى عَلَيْهَا فِدْيَةً وَأَكْرَهُهُ، لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ زِينَةٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ نَاسًا سَأَلُوهُ عَنْ الْكُحْلِ الْإِثْمِدِ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ قَالَ أَكْرَهُهُ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَإِنَّمَا هِيَ أَيَّامُ تَخَشُّعٍ وَعِبَادَةٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْكُحْلُ فِي الْمَرْأَةِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الرَّجُلِ فَإِنْ فَعَلاَ فَلاَ أَعْلَمُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِدْيَةً وَلَكِنْ إنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ فَأَيُّهُمَا اكْتَحَلَ بِهِ افْتَدَى، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ إذَا رَمِدَ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَقَطَرَ فِي عَيْنَيْهِ الصَّبْرُ إقْطَارًا، وَأَنَّهُ قَالَ: يَكْتَحِلُ الْمُحْرِمُ بِأَيِّ كُحْلٍ إذَا رَمَدَ، مَا لَمْ يَكْتَحِلْ بِطِيبٍ، وَمِنْ غَيْرِ رَمَدٍ، ابْنُ عُمَرَ الْقَائِلُ. قَالَ إنْ اخْتَضَبَتْ الْمُحْرِمَةُ وَلَفَّتْ عَلَى يَدَيْهَا رَأَيْت أَنْ تَفْتَدِيَ وَأَمَّا لَوْ مَسَحَتْ يَدَيْهَا بِالْحِنَّاءِ فَإِنِّي لاَ أَرَى عَلَيْهَا فِدْيَةً وَأَكْرَهُهُ، لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ زِينَةٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ نَاسًا سَأَلُوهُ عَنْ الْكُحْلِ الْإِثْمِدِ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ قَالَ أَكْرَهُهُ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَإِنَّمَا هِيَ أَيَّامُ تَخَشُّعٍ وَعِبَادَةٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْكُحْلُ فِي الْمَرْأَةِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الرَّجُلِ فَإِنْ فَعَلاَ فَلاَ أَعْلَمُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِدْيَةً وَلَكِنْ إنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ فَأَيُّهُمَا اكْتَحَلَ بِهِ افْتَدَى، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ إذَا رَمِدَ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَقَطَرَ فِي عَيْنَيْهِ الصَّبْرُ إقْطَارًا، وَأَنَّهُ قَالَ: يَكْتَحِلُ الْمُحْرِمُ بِأَيِّ كُحْلٍ إذَا رَمَدَ، مَا لَمْ يَكْتَحِلْ بِطِيبٍ، وَمِنْ غَيْرِ رَمَدٍ، ابْنُ عُمَرَ الْقَائِلُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْمِنْطَقَةَ وَلَوْ جَعَلَ فِي طَرَفِهَا سُيُورًا فَعَقَدَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ لَمْ يَضُرَّهُ وَيَتَقَلَّدُ الْمُحْرِمُ السَّيْفَ مِنْ خَوْفٍ وَلاَ فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَيُتَنَكَّبُ الْمُصْحَفَ.
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ إلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ: أَنَا طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ سَالِمٌ: وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْت عَائِشَةَ وَبَسَطَتْ يَدَيْهَا تَقُولُ: أَنَا طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ هَاتَيْنِ لِإِحْرَامِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ هَاتَيْنِ لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: سَمِعْت عَائِشَةَ تَقُولُ: طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَرَمِهِ وَلِحِلِّهِ. فَقُلْت: لَهَا بِأَيِّ الطِّيبِ؟ فَقَالَتْ: بِأَطْيَبِ الطِّيبِ. وَقَالَ عُثْمَانُ مَا رَوَى هِشَامٌ هَذَا الْحَدِيثَ إلَّا عَنِّي. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَأَيْت وَبِيصَ الطِّيبِ فِي مُفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ثَلاَثٍ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةَ يُخْبِرَانِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِلْحِلِّ وَالْإِحْرَامِ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ تَقُولُ: طَيَّبْت أَبِي عِنْدَ إحْرَامِهِ بِالسُّكِّ وَالذَّرِيرَةِ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ حَسَنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْت ابْنَ عَبَّاسٍ مُحْرِمًا وَأَنَّ عَلَى رَأْسِهِ لَمِثْلَ الرُّبِّ مِنْ الْغَالِيَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ فَنَقُولُ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَتَطَيَّبَ الرَّجُلُ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ مِنْ الطِّيبِ غَالِيَةٍ وَمُجْمَرٍ وَغَيْرِهِمَا إلَّا مَا نُهِيَ عَنْهُ الرَّجُلُ مِنْ التَّزَعْفُرِ وَلاَ بَأْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي التَّطَيُّبِ بِمَا شَاءَتْ مِنْ الطِّيبِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَكَذَلِكَ لاَ بَأْسَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَفْعَلاَ بَعْدَ مَا يَرْمِيَانِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَيَحْلِقُ الرَّجُلُ وَتُقَصِّرُ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَالْحُجَّةُ فِيهِ مَا وَصَفْنَا مِنْ تَطَيُّبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَالَيْنِ، وَكَذَلِكَ لاَ بَأْسَ بِالْمُجْمَرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الطِّيبِ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ وَابْتَدَأَ الطِّيبَ حَلاَلاً وَهُوَ مُبَاحٌ لَهُ، وَبَقَاؤُهُ عَلَيْهِ لَيْسَ بِابْتِدَاءٍ مِنْهُ لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الطِّيبُ دُهْنًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَكِنَّهُ إذَا أَحْرَمَ فَمَسَّ مِنْ الطِّيبِ شَيْئًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ بِيَدِهِ أَوْ أَمَسَّهُ جَسَدَهُ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِحُرْمَتِهِ غَيْرَ جَاهِلٍ بِأَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لَهُ، افْتَدَى. وَكُلُّ مَا سَمَّى النَّاسُ طِيبًا فِي هَذِهِ الْحَالِ مِنْ الْأَفَاوِيهِ وَغَيْرِهَا وَكُلُّ مَا كَانَ مَأْكُولاً إنَّمَا يُتَّخَذُ لِيُؤْكَلَ أَوْ يُشْرَبَ لِدَوَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ طَيِّبَ الرِّيحِ وَيَصْلُحُ فِي الطِّيبِ فَلاَ بَأْسَ بِأَكْلِهِ، وَشَمِّهِ وَذَلِكَ مِثْلُ الْمُصْطَكَى وَالزَّنْجَبِيلِ وَالدَّارَصِينِيِّ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَعْلُوفٍ أَوْ حَطَبٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ مِثْلَ الشِّيحِ وَالْقَيْصُومِ وَالْإِذْخِرِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا، فَإِنْ شَمَّهُ أَوْ أَكَلَهُ أَوْ دَقَّهُ فَلَطَّخَ بِهِ جَسَدَهُ فَلاَ فِدْيَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَلاَ دُهْنٍ، وَالرَّيْحَانُ عِنْدِي طِيبٌ، وَمَا طَيَّبَ مِنْ الْأَدْهَانِ بِالرَّيَاحِينِ فَبَقِيَ طِيبًا كَانَ طِيبًا وَمَا رُبِّبَ بِهَا عِنْدِي طِيبٌ إذَا بَقِيَ طِيبًا مِثْلَ الزَّنْبَقِ وَالْخَيْرِيِّ وَالْكَاذِي وَالْبَانِ الْمَنْشُوشِ وَلَيْسَ الْبَنَفْسَجُ بِطِيبٍ إنَّمَا يُرَبَّبُ لِلْمَنْفَعَةِ لاَ لِلطِّيبِ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سُئِلَ: أَيَشُمُّ الْمُحْرِمُ الرَّيْحَانَ وَالدُّهْنَ وَالطِّيبَ؟ فَقَالَ: لاَ، أُخْبِرْنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ مَا أَرَى الْوَرْدَ وَالْيَاسَمِينَ إلَّا طِيبًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا مَسَّ الْمُحْرِمُ مِنْ رَطْبِ الطِّيبِ بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ افْتَدَى وَإِنْ مَسَّ بِيَدِهِ مِنْهُ شَيْئًا يَابِسًا لاَ يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ فِي يَدِهِ وَلاَ لَهُ رِيحٌ كَرِهْته لَهُ وَلَمْ أَرَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ وَإِنَّمَا يَفْدِي مِنْ الشَّمِّ خَاصَّةً بِمَا أَثَّرَ مِنْ الطِّيبِ مِنْ الشَّمِّ، لِأَنَّ غَايَةَ الطِّيبِ لِلتَّطَيُّبِ وَإِنْ جَلَسَ إلَى عَطَّارٍ فَأَطَالَ، أَوْ مَرَّ بِهِ فَوَجَدَ رِيحَ الطِّيبِ أَوْ وَجَدَ رِيحَ الْكَعْبَةِ مُطَيَّبَةً أَوْ مُجْمَرَةً لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَإِنْ مَسَّ خَلُوقَ الْكَعْبَةِ جَافًّا كَانَ كَمَا وَصَفْت لاَ فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ لاَ يُؤَثِّرُ وَلاَ يَبْقَى رِيحُهُ فِي بَدَنِهِ وَكَذَلِكَ الرُّكْنُ وَإِنْ مَسَّ الْخَلُوقَ رَطْبًا افْتَدَى وَإِنْ انْتَضَحَ عَلَيْهِ أَوْ تَلَطَّخَ بِهِ غَيْرَ عَامِدٍ لَهُ غَسَلَهُ وَلاَ فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَصَابَ ثَوْبَهُ وَلَوْ عَقَدَ طِيبًا فَحَمَلَهُ فِي خِرْقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَرِيحُهُ يَظْهَرُ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَكَرِهْته لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمَسَّ الطِّيبَ نَفْسَهُ وَلَوْ أَكَلَ طِيبًا أَوْ اسْتَعَطَ بِهِ أَوْ احْتَقَنَ بِهِ افْتَدَى وَإِذَا كَانَ طَعَامٌ قَدْ خَالَطَهُ زَعْفَرَانٌ أَصَابَتْهُ نَارٌ أَوْ لَمْ تُصِبْهُ فَانْظُرْ، فَإِنْ كَانَ رِيحُهُ يُوجَدُ أَوْ كَانَ طَعْمُ الطِّيبِ يَظْهَرُ فِيهِ فَأَكَلَهُ الْمُحْرِمُ افْتَدَى وَإِنْ كَانَ لاَ يَظْهَرُ فِيهِ رِيحٌ وَلاَ يُوجَدُ لَهُ طَعْمٌ وَإِنْ ظَهَرَ لَوْنُهُ فَأَكَلَهُ الْمُحْرِمُ لَمْ يَفْتَدِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْثُرُ الطِّيبُ فِي الْمَأْكُولِ وَيَمَسُّ النَّارَ فَيَظْهَرُ فِيهِ رِيحُهُ وَطَعْمُهُ وَيَقِلُّ وَلاَ تَمَسُّهُ نَارٌ فَلاَ يَظْهَرُ فِيهِ طَعْمُهُ وَلاَ لَوْنُهُ وَإِنَّمَا الْفِدْيَةُ وَتَرْكُهَا مِنْ قِبَلِ الرِّيحِ وَالطَّعْمِ وَلَيْسَ لِلَّوْنِ مَعْنًى لِأَنَّ اللَّوْنَ لَيْسَ بِطِيبٍ وَإِنْ حَشَا الْمُحْرِمُ فِي جُرْحٍ لَهُ طِيبًا افْتَدَى وَالْأَدْهَانُ دُهْنَانِ، دُهْنٌ طِيبٌ فَذَلِكَ يَفْتَدِي صَاحِبُهُ إذَا دَهَنَ بِهِ مِنْ جَسَدِهِ شَيْئًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَذَلِكَ مِثْلُ الْبَانِ الْمَنْشُوشِ بِالطِّيبِ وَالزَّنْبَقِ وَمَاءِ الْوَرْدِ وَغَيْرِهِ. قَالَ وَدُهْنٌ لَيْسَ بِطِيبٍ مِثْلِ سَلِيخَةِ الْبَانِ غَيْرِ الْمَنْشُوشِ وَالشِّبْرِقِ وَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَالزُّبْدِ، فَذَلِكَ إنْ دَهَنَ بِهِ أَيَّ جَسَدِهِ شَاءَ غَيْرَ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ أَوْ أَكَلَهُ أَوْ شَرِبَهُ فَلاَ فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَإِنْ دَهَنَ بِهِ رَأْسَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ افْتَدَى، لِأَنَّهُمَا فِي مَوْضِعِ الدُّهْنِ وَهُمَا يُرَجِّلاَنِ وَيَذْهَبُ شَعَثُهُمَا بِالدُّهْنِ فَأَيُّ دُهْنٍ أَذْهَبَ شَعْثَهُمَا وَرَجَّلَهُمَا، بَقَّى فِيهِمَا طِيبًا أَوْ لَمْ يُبَقِّ، فَعَلَى الْمُدَّهِنِ بِهِ فِدْيَةٌ، وَلَوْ دَهَنَ رَأْسَهُ بِعَسَلٍ أَوْ لَبَنٍ لَمْ يَفْتَدِ لِأَنَّهُ لاَ طِيبَ وَلاَ دُهْنَ إنَّمَا هُوَ يُقَذِّرُ لاَ يُرَجِّلُ وَلاَ يُهَنِّئُ الرَّأْسَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ يَدْهُنُ الْمُحْرِمُ قَدَمَيْهِ إذَا تَشَقَّقَتْ بِالْوَدَكِ مَا لَمْ يَكُنْ طِيبًا، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ الْمُحْرِمِ يَتَشَقَّقُ رَأْسُهُ أَيَدْهُنُ الشِّقَاقَ مِنْهُ بِسَمْنٍ؟ قَالَ: لاَ، وَلاَ بِوَدَكٍ غَيْرِ السَّمْنِ، إلَّا أَنْ يَفْتَدِيَ، فَقُلْت لَهُ: إنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ، قَالَ: وَلَكِنَّهُ يُرَجِّلُ رَأْسَهُ، قَالَ: فَقُلْت لَهُ: فَإِنَّهُ يَدْهُنُ قَدَمَهُ إذَا تَشَقَّقَتْ بِالْوَدَكِ مَا لَمْ يَكُنْ طِيبًا فَقَالَ: إنَّ الْقَدَمَ لَيْسَتْ كَالشَّعْرِ إنَّ الشَّعْرَ يُرَجَّلُ قَالَ عَطَاءٌ: وَاللِّحْيَةُ فِي ذَلِكَ مِثْلُ الرَّأْسِ.
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ مُقَطَّعَةٌ يَعْنِي جُبَّةً وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِالْخَلُوقِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَحْرَمْت بِالْعُمْرَةِ وَهَذِهِ عَلَيَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا كُنْت تَصْنَعُ فِي حَجِّك؟» قَالَ: كُنْت أَنْزِعُ هَذِهِ الْمُقَطَّعَةَ وَأَغْسِلُ هَذَا الْخَلُوقَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا كُنْت صَانِعًا فِي حَجِّك فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِك». أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ أَحْرَمَ فِي قَمِيصٍ أَوْ جُبَّةٍ فَلْيَنْزِعْهَا نَزْعًا وَلاَ يَشُقَّهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالسُّنَّةُ كَمَا قَالَ عَطَاءٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ صَاحِبَ الْجُبَّةِ أَنْ يَنْزِعَهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِشَقِّهَا. أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْت لِعَطَاءٍ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلاً أَهَلَّ مِنْ مِيقَاتِهِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ ثُمَّ سَارَ أَمْيَالاً ثُمَّ ذَكَرَهَا فَنَزَعَهَا أَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى مِيقَاتِهِ فَيُحْدِثَ إحْرَامًا؟ قَالَ: لاَ، حَسْبُهُ الْإِحْرَامُ الْأَوَّلُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ عَطَاءٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدْ أَهَلَّ مِنْ مِيقَاتِهِ وَالْجُبَّةُ لاَ تَمْنَعُهُ أَنْ يَكُونَ مُهِلًّا، وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَحْسَبُ مَنْ نَهَى الْمُحْرِمَ عَنْ التَّطَيُّبِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَالْإِفَاضَةِ بَلَغَهُ هَذَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ الْأَعْرَابِيَّ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ عَنْهُ وَنَزْعِ الْجُبَّةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَذَهَبَ إلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الطِّيبِ لِأَنَّ الْخَلُوقَ كَانَ عِنْدَهُ طِيبًا وَخَفِيَ عَلَيْهِمْ مَا رَوَتْ عَائِشَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَلِمُوهُ فَرَأَوْهُ مُخْتَلِفًا فَأَخَذُوا بِالنَّهْيِ عَنْ الطِّيبِ، وَإِنَّمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي إسْمَاعِيلُ الَّذِي يُعْرَفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَاحِبِ الْجُبَّةِ بِغَسْلِ الْخَلُوقِ يَحْتَمِلُ مَا وَصَفْت وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمَرَهُ بِغَسْلِهِ لِأَنَّهُ طِيبٌ وَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُبْقِيَ عَلَيْهِ الطِّيبَ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَوْ كَانَ كَمَا قُلْت كَانَ مَنْسُوخًا فَإِنْ قَالَ وَمَا نَسَخَهُ؟ قُلْنَا حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَعْرَابِيِّ بِالْجِعْرَانَةِ وَالْجِعْرَانَةُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهَا طَيَّبَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحِلِّهِ وَحَرَمِهِ فِي حَجَّةِ الْإِسْلاَمِ وَهِيَ سَنَةُ عَشْرٍ. فَإِنْ قَالَ فَقَدْ نَهَى عَنْهُ عُمَرُ قُلْنَا لَعَلَّهُ نَهَى عَنْهُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْت إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ قَالَ أَفَلاَ تَخَافُ غَلَطَ مَنْ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ؟ قِيلَ: هُمْ أَوْلَى أَنْ لاَ يُغَلَّطُوا مِمَّنْ رَوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَوَى هَذَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ رَجُلٌ أَوْ اثْنَانِ وَرَوَى هَذَا عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ أَوْلَى أَنْ لاَ يُغَلَّطُوا مِنْ الْعَدَدِ الْقَلِيلِ، وَكُلٌّ عِنْدَنَا لَمْ يَغْلَطْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ جَازَ إذَا خَالَفَ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطِّيبِ أَنْ يُخَافَ غَلَطُ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَازَ أَنْ يُخَافَ غَلَطُ مَنْ رَوَى هَذَا عَنْ عُمَرَ، وَإِذَا كَانَ، عِلْمُنَا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطَيَّبَ وَأَنَّ عُمَرَ كَرِهَ عِلْمًا وَاحِدًا مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ فَلاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَزْعُمَ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُتْرَكُ بِحَالٍ إلَّا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ لِقَوْلِ غَيْرِهِ وَقَدْ خَالَفَ عُمَرَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ يَتْرُكُ مَنْ يَكْرَهُ الطِّيبَ لِلْإِحْرَامِ وَالْإِحْلاَلِ لِقَوْلِ عُمَرَ أَقَاوِيلَ لِعُمَرَ لِقَوْلِ الْوَاحِدِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَاوِيلُ لِعُمَرَ لاَ يُخَالِفُهُ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُخَالِفُ عُمَرُ لِرَأْيِ نَفْسِهِ. فَإِذَا كَانَ يُصْنَعُ هَذَا فِي بَعْضِ قَوْلِ عُمَرَ فَكَيْفَ جَازَ أَنْ يَدَعَ السُّنَّةَ الَّتِي فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْخَلْقِ اتِّبَاعَهَا لِقَوْلِ مَنْ يَفْعَلُ فِي قَوْلِهِ مِثْلَ هَذَا لَعَمْرِي لَئِنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ فَيَدَعُ السُّنَّةَ بِخِلاَفِهِ فَمَا لاَ سُنَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ أَضْيَقُ وَأَحْرَى أَنْ لاَ يَخْرُجَ مِنْ خِلاَفِهِ وَهُوَ يَكْثُرُ خِلاَفُهُ فِيمَا لاَ سُنَّةَ فِيهِ وَلِمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّائِلَ بِأَنْ يَنْزِعَ الْجُبَّةَ عَنْهُ وَيَغْسِلَ الصُّفْرَةَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْكَفَّارَةِ قُلْنَا: مَنْ لَبِسَ مَا لَيْسَ لَهُ لُبْسُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ جَاهِلاً بِمَا عَلَيْهِ فِي لُبْسِهِ أَوْ نَاسِيًا لِحَرَمِهِ ثُمَّ يَثْبُتُ عَلَيْهِ أَيُّ مُدَّةٍ مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ ابْتَدَأَ لُبْسَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ جَاهِلاً بِمَا عَلَيْهِ فِي لُبْسِهِ أَوْ نَاسِيًا لِحَرَمِهِ أَوْ مُخْطِئًا بِهِ وَذَلِكَ أَنْ يُرِيدَ غَيْرَهُ فَيَلْبَسَهُ نَزَعَ الْجُبَّةَ وَالْقَمِيصَ نَزْعًا وَلَمْ يَشُقَّهُ وَلاَ فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي لُبْسِهِ وَكَذَلِكَ الطِّيبُ قِيَاسًا عَلَيْهِ إنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا أَمَرَهُ بِغَسْلِهِ لِمَا وَصَفْنَا مِنْ الصُّفْرَةِ وَإِنْ كَانَ لِلطِّيبِ فَهُوَ أَكْثَرُ أَوْ مِثْلُهُ وَالصُّفْرُ جَامِعَةٌ لِأَنَّهَا طِيبٌ وَصُفْرَةٌ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ قُلْت هَذَا فِي النَّاسِي وَالْجَاهِلِ فِي اللُّبْسِ وَالطِّيبِ وَلَمْ تَقُلْهُ فِيمَنْ جَزَّ شَعْرَهُ أَوْ قَتَلَ صَيْدًا؟ قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قُلْته خَبَرًا وَقِيَاسًا وَأَنَّ فِي اللُّبْسِ وَالطِّيبِ مُخَالَفَةُ حَالِهِ فِي جَزِّ الشَّعْرِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ، فَإِنْ قَالَ: فَمَا فَرَّقَ بَيْنَ الطِّيبِ وَاللُّبْسِ وَقَتَلَ الصَّيْدَ وَجَزَّ الشَّعْرَ وَهُوَ جَاهِلٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قِيلَ لَهُ الطِّيبُ وَاللُّبْسُ شَيْءٌ إذَا أَزَالَهُ عَنْهُ زَالَ فَكَانَ إذَا أَزَالَهُ كَحَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَلْبَسَ وَيَتَطَيَّبَ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يُتْلِفَهُ وَلَمْ يُزِلْ شَيْئًا حُرِّمَ عَلَيْهِ إزَالَتُهُ إنَّمَا أَزَالَ مَا أُمِرَ بِإِزَالَتِهِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ وَقَاتِلُ الصَّيْدِ أَتْلَفَ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ إتْلاَفَهُ وَجَازَ الشَّعْرُ وَالظُّفْرُ أَزَالَ بِقَطْعِهِ مَا هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ إزَالَتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْإِزَالَةُ لِمَا لَيْسَ لَهُ إزَالَتُهُ إتْلاَفٌ وَفِي الْإِتْلاَفِ لِمَا نُهِيَ عَنْ إتْلاَفِهِ عِوَضٌ خَطَأً كَانَ أَوْ عَمْدًا، لِمَا جَعَلَ اللَّهُ فِي إتْلاَفِ النَّفْسِ خَطَأً مِنْ الدِّيَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ غَيْرُهُ فِي الْإِتْلاَفِ كَهُوَ فِي الْإِتْلاَفِ وَلَكِنَّهُ إذَا فَعَلَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ وَذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ وَغَيْرَ مُخْطِئٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فِي قَلِيلِ اللُّبْسِ وَالطِّيبِ وَكَثِيرِهِ عَلَى مَا وَصَفْت فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا وَلَوْ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلاً ثُمَّ عَلِمَهُ فَتَرَكَهُ عَلَيْهِ سَاعَةً وَقَدْ أَمْكَنَهُ إزَالَتَهُ عَنْهُ بِنَزْعِ ثَوْبٍ أَوْ غَسْلِ طِيبٍ افْتَدَى لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الثَّوْبَ وَالطِّيبَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَهَابِ الْعُذْرِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ نَزْعُ الثَّوْبِ لِعِلَّةِ مَرَضٍ أَوْ عَطَبٍ فِي بَدَنِهِ وَانْتَظَرَ مَنْ يَنْزِعُهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَهَذَا عُذْرٌ وَمَتَى أَمْكَنَهُ نَزْعُهُ نَزَعَهُ وَإِلَّا افْتَدَى إذَا تَرَكَهُ بَعْدَ الْإِمْكَانِ وَلاَ يَفْتَدِي إذَا نَزَعَهُ بَعْدَ الْإِمْكَانِ وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ غَسْلُ الطِّيبِ وَكَانَ فِي جَسَدِهِ رَأَيْت أَنْ يَمْسَحَهُ بِخِرْقَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ خِرْقَةً فَبِتُرَابٍ إنْ أَذْهَبَهُ فَإِنْ لَمْ يُذْهِبْهُ فَبِشَجَرٍ أَوْ حَشِيشٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَوْ قَدَرَ فَلَمْ يُذْهِبْهُ. فَهَذَا عُذْرٌ، وَمَتَى أَمْكَنَهُ الْمَاءُ غَسَلَهُ وَلَوْ وَجَدَ مَاءً قَلِيلاً إنْ غَسَلَهُ بِهِ لَمْ يَكْفِهِ لِوُضُوئِهِ غَسَلَهُ بِهِ وَتَيَمَّمَ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِغَسْلِهِ وَلاَ رُخْصَةَ لَهُ فِي تَرْكِهِ إذَا قَدَرَ عَلَى غَسْلِهِ وَهَذَا مُرَخَّصٌ لَهُ فِي التَّيَمُّمِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَوْ غَسَلَ الطِّيبَ غَيْرُهُ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَإِنْ غَسَلَهُ هُوَ بِيَدِهِ لَمْ يَفْتَدِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ عَلَيْهِ غَسْلَهُ وَإِنْ مَاسَّهُ فَإِنَّمَا مَاسَّهُ لِيُذْهِبَهُ عَنْهُ لَمْ يُمَاسَّهُ لِيَتَطَيَّبَ بِهِ وَلاَ يُثْبِتُهُ، وَهَكَذَا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهُ خَرَجَ مِنْهُ كَمَا يَسْتَطِيعُ، وَلَوْ دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا لَهُ وَكَانَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهَا، وَلَمْ أَزْعُمْ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ يَمْشِي فِيمَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ لِأَنَّ مَشْيَهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الذَّنْبِ لاَ لِلزِّيَادَةِ، فِيهِ فَهَكَذَا هَذَا الْبَابُ كُلُّهُ وَقِيَاسُهُ.
|